أبشر الماحي الصائم

التمويل الأصغر.. ثمة نزيف مصرفي


توقف الأخ الأستاذ محمد لطيف أمس في زاويته المقروءة ذائعة الصيت (تحليل سياسي)، وهو يفتح نافذتها باتجاه عمليات التمويل الأصغر، توقف عند تعقيب وصله من الصيرفي طارق عوض إدريس، فبينما يطرق صاحب الزاوية على وتر بعض الإخفاقات التي تصاحب صناعة هذه العمليات، ينزع طارق باتجاه نصف الكوب المصرفي الممتلئ و.. و..
* غير أن هنالك أكثر من سبب يجعلني أتداخل في هذا الموضوع، ولاسيما قد زاملت الرجلين كلا في مجاله، وكلاهما يومئذ ينحدر من جذور محسية راسخة، فمن جهة قد دخلت إلى بنك التضامن مستوظفا ذات يوم مهيب برفقة الأخ طارق عوض إدريس، ليس في يوم واحد فحسب، بل في لحظة واحدة وعلى منضدة واحدة فتحت لنا ملفات خدمة مصرفية جهيرة، وعلى ما أذكر قد تفوق طارق علينا في سرعة استيعاب (ربطة العنق)، ومن ثم تميز في ضروب العمل الصيرفي، ففي المقابل فقد كانت رغبتي فاترة في المضي طويلا في هذا القطاع الذي كما لو أتيته عن طريق الخطأ، بعكس الرغبة الأكيدة للأخ طارق التي جعلته يتنقل بين الإدارات الصيرفية البحتة، من المالية إلى المصرف إلى الفتوى والبحوث، بينما ظللت أنا على مهمتي التي دخلنا بها إلى المصرف والتي تتمحور حول علم الـ communications ، في ذات الوقت كنت أتلمس طريقي إلى مدائن الصحافة بالتعاون مع صحيفة ألوان على حين قراريط من الأخ الأستاذ حسين خوجلي، الذي كان له السبق في أن يرسخ ويذلل لنا هذه المهنة حتى دخلنا في زمرة الذين (منها ركوبهم ومنها يأكلون)، وتلك قصة أخرى سنعرض لها في حينها.
* ومن جهة أخرى، أفتخر جدا أنني أحتفظ بزمالة (وسيمة) مع الأخ الزميل محمد لطيف، الذي طالما أعجبت كثيرا بعبقرية معالجته ومفردته المترعة المتدفقة، قبل أن أتعرف عليه عن قرب، بحيث انتهت بنا مهنة الترحال إلى مدائن الأخ الأستاذ مزمل أبو القاسم الرحبة الحمراء الناصعة البيان والبنيان..
* غير أن الشيء الأهم الذي دفعني أكثر للتداخل هو موضوع (التمويل الأصغر)، الذي امتدحه الأخ طارق من منظور التعامل الصيرفي والشرعي، ورأى الأخ لطيف فيه بعض الكبوات المهنية التي تفتأ تستنزف رساميل المصارف وتعرضها للتآكل من جهة عدم وضع التحوطات والبيانات اللازمة و.. و..
* غير أن لمؤسسة الملاذات، الجناح الصيرفي، رؤية مغايرة تماما تتجاوز حرفية التطبيق المهني والشرعي إلى جدوى العملية برمتها، فقد رأيت دائما أن ثقافة التمويل الأصغر ﻻ تناسبنا كشعب سوداني غير منتج، نجحت عمليات التمويل الأصغر عند الشعوب الآسيوية المنتجة، وهي تحول أسرهم وبيوتهم إلى مصانع صغيرة يصدر إنتاجها إلى خارج البلاد، وفي المقابل إن معظم عملياتنا الصغيرة قد انتهت إلى ركشات أو أهلكت في عمليات مرتجلة كسولة !!
* فنحن أمة يصلح لها أدب التمويل الأكبر، على أن تكون هنالك جهة استراتيجية تفكر نيابة عننا فتنتج مشروعات كبيرة منتجة، تمول بسقوفات عالية ونكون نحن مجرد شغيلة، أما أن يعطى أي فرد عشرين ألف جنيه، وﻻ فكرة وﻻ همة وﻻ تجربة له فهذه مهلكة كبيرة، على أن الأجدر ألف مرة هو أن تجمع هذه التمويلات الصغيرة في شكل تمويل ومشروع أكبر.. وهنا نحتاج إلى دعم القطاع الخاص السوداني، فهو الأجدر تاريخيا باستيعاب ملايين العمالة، فهذا ما عبرت عنه بدعم الفقراء من رجال الأعمال الوطنيين لصناعة فرص عمل لهزيمة العطالة والفقر.. وليس هذا كل ما هناك.


تعليق واحد

  1. واذا كان في شكوى من تاكل رؤوس اموال البنوك فخلوها تجي من البنوك . هل شكت لكم البنوك ؟؟ أم هو عدم الاحساس عندكم بضعاف الناس ؟؟.