مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «الخرطوم» من يوسف إلى عبد الرحيم وهذا بيان 2


> أوّل حالة فساد في الولاية بعد تشكيل الحكومة الجديدة يقوم بها شخص تقول الأخبار إنه موظف تابع للطرق والجسور، ثم يغير هذا الادعاء إلى آخر بأنه يتبع لجهاز الأمن والمخابرات حتى يحسم جدلاً ونقاشاً دار بينه وبين وفد برلماني لصالحه.
> لكن الوفد البرلماني المكون من أعضاء لجنة التشريع والعدل الذي كان متجهاً إلى سجن الهدى عبر منطقة القولدير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان داخل السجن، رفض دفع المبلغ الذي حدّده الشخص الذي ادعى أنه موظف، ثم ادعى أنه منسوب لجهاز الأمن، لكل عربة من العربات التي تقل الوفد البرلماني.
> البرلمانيون اعتبروا أن مبلغ الثلاثة عشر جنيهاً غير قانوني.. وأن العبور من مدينة إلى أخرى داخل الولاية لا يكون برسوم، وأن هذه الرسوم التي طالب بها المدعي أنه موظف ثم يدعي أنه يعمل بجهاز الأمن غير قانونية.
> طبعاً السيد الوالي الجديد قبل أن يشكل حكومته الجديدة، قام بإصدار قرار بفصل موظف كبير في وظيفة مدير بوزارة الاستثمار بالولاية لعدم تأهله للوظيفة، لذلك تبقى ثقة الناس فيه كبيرة لمعالجة مثل هذه التجاوزات التي شهد عليها الوفد البرلماني.
> لكن الأخطر هنا من مسألة فرض رسوم، وهي إذا لم تكن قانونية فلن ترقى إلى حالة «السرقة الحدية» ولو حدّد القانون نصاباً لها، الأخطر من هذه المخالفة القانونية هو أن يقف شخص على قارعة الطريق ويوقف السيارات المارة داخل الولاية ويدّعي أنه موظف بالطرق والجسور، ثم يدّعي أنه يعمل بجهاز الأمن الذي لا علاقة له بالرسوم.
> إذن السيد الوالي الجديد تنتظره مهمة محاربة الفساد داخل المكاتب وخارجها.. ويبقى مطالباً بأن يختار الناس بفراسة شديدة حتى لا تتكرر التجاوزات داخل المكاتب وفي قارعة الطريق. وأهم ما في السيد الوالي الفريق أول عبد الرحيم هو أنه أقدم عضو في مجلس الوزراء .. وهو في هذا العمر لا هم له طبعاً غير الإنجاز ومحاربة الفساد الذي يوغر صدور الفقراء، وإرضاء المواطنين بالتمتع بأهم الخدمات مثل المواصلات وتوفير المياه النقية واستمرار التيار الكهربائي بترشيد الصرف الحكومي بما يتعلق بمكيفات الغاز «الفريون».. مع أن المؤسسات الحكومية تكفيها مكيفات الماء.. كل المؤسسات باستثناء القصر الجمهوري ومجلس الوزراء ورئاسة القضاء.
> وهذه المهمة تنتظر السيد الوالي بعد أكثر من ربع قرن من الزمان مضى على تحرك «30» يونيو الذي سانده حينما كان برتبة العميد في سلاح الطيران.
إذن مرحلة الحكم المحلي في ولاية الخرطوم بين المقدم حينها يوسف عبد الفتاح وهو في سن الشباب الأوّل وهو صاحب لقب «رامبو»، وبين الفريق الأول ركن مهندس طيّار عبد الرحيم، ان هذه المرحلة حدث فيها الكثير من السلبيات والقليل من الإيجابيات، ولا ينبغي أن نحسب أية إنجازات تمت لمقابلة تحديات زيادة المهاجرين إلى الولاية في هذه الفترة باعداد خرافية بأنها من الإيجابيات، لأنها في الواقع تبقى مدعاة للتقاعس عن التنمية الريفية في الولايات وتحوّل الشعب الى استهلاكي اتكالي يترفع عن مهن وأنشطة آبائه الاقتصادية في الصناعات الصغيرة جداً وفي الرعي والزراعة.
> وبمثل هذه الإنجازات التي تقابل زيادة الطلب في الخدمات والسكن والجسور والطرق لعبور الأنهار بين المدن العاصمية الثلاث، تبقى الولاية محضناً للهاربين من مهن وأنشطة أهلهم الاقتصادية، وهذه تشجع على الهروب طبعاً.
> وهنا نذكر السيد الوالي بأن يحرِّك كل أعضاء حكومته إلى اطراف الولاية بكل الاتجاهات لانعاش التنمية الريفية الزراعية والرعوية والصناعية، فلا يتحرك لوحده فتكون حكومته حكومة الرجل الواحد لأن عدداً من أعضائها جاءوا من باب المحاصصة وأنشئت لهم وزارات ولائية وهمية لا داعي لها مثل وزارة الحكم المحلي.. فلا أدري ماذا ستقدم هذه الوزارة الولائية الوهمية للمواطن المغلوب على أمره؟!
> إذن بعد أكثر من ربع قرن من الزمان لا ينبغي أن تأتي التشكيلة الحكومية القادمة بعد أن يتمتع أصحاب هذه التشكيلة بامتيازاتهم ويذهبوا ونعيد حينها ما نقوله الآن.
فلتكن مهمة التشكيلة القادمة هي أن تحوِّل الخرطوم إلى «جنيف» بعد أن مهدت لذلك هذه الحكومة.. فهي حكومة ولاية تجري من تحتها الأنهار ومحاطة بالمراعي والأراضي الزراعية وغنية بخام الصناعات المختلفة.. فهل يا ترى سترث الحكومة القادمة سلبياتها كما ورثت هي سلبيات الفائتة؟
«نواصل غداً بإذن الله».