أبشر الماحي الصائم

المؤتمر الوطني يؤسس.. لجيل فضائي


* دعوني أبدأ من هناك، أذكر أنه وعلى إثر إحدى التغطيات الإعلامية الجانحة عن قضايا السودان في فضائية الجزيرة، قد اتصلت بالأخ الأستاذ المسلمي الكباشي مدير مكتب القناة بالخرطوم، بأن قناته قد ذبحت في وضح النهار شعارها: الرأي والرأي الآخر.. عندما لم توفر ضيفا من حكومة السودان، وهي تتناول أحد الموضوعات السودانية فقط من طرف واحد هو ممثل الجبهة الثورية، كان ذلك بطبيعة الحال قبل عصر (عاصفة الحزم)، لما كانت الفضائيات العربية عصرئذ تستضيف المتمردين والمعارضين السودانيين بكثافة !!
* فوجئت يومها برد الأخ مسلمي الصادم، وهو يقول إن الفضائيات بما فيها الجزيرة تجد صعوبة باستمرار في توفير ضيف من الحكومة السودانية، فكل هواتف كوادرها ﻻ تستجيب، مغلقة مقلقة، التعبير الأخير من عندي، يضيف الأستاذ الكباشي، الشخص الوحيد المتاح على الدوام هو ربيع عبدالعاطي الذي استهلك تماماً !
* ومن ثم ذهبت يومها لأكتب وأهتف في مدائن حزب المؤتمر الوطني، بأن الحزب الحاكم يعاني (أزمة فضائية) خطيرة، أعني أزمة كوادر متخصصة في هذا الضرب تستطيع أن تتدافع وتترافع عن قضايا الوطن في حرب الفضائيات المعلنة يومئذ ضد السودان، كانت هذه الواقعة قبيل انفصال الجنوب والخرطوم تستقبل يومياً حملات فضائية مخدومة مسمومة، وﻻ الحزب الحاكم لها !!
* مرت الأيام كالخيال أحلام، وتفاقمت الأزمة بصورة كبيرة، على أننا يمكن الزعم بأن آخر تيم من كوادر الإسلاميين المجيدين لفنون هذا الضرب، هو مجموعة غازي صلاح الدين وأمين حسن عمر وسيد الخطيب وكمال عبيد ومحبوب عبدالسلام وغيرهم من الكوادر ذات الثقل الإعلامي والدربة الخطابية، قد أرهقت هذه المجموعة قبل أن تتفرق بها السبل وتتقاطع بها المؤتمرات وسبل الإصلاح و.. و..
* مذ يومها تمنيت لو أن الحزب الحاكم ينتبه إلى خطورة هذا الأمر، ومن ثم يذهب الى إعداد جيل جديد من الإعلاميين المؤهلين فضائيا، إلى ان أعلن مؤخرا عن تأسيس معهد إعداد (رواد الفضائيات الإعلامي).. الذي تتمحور مهمته الأساسية في إعداد جيل إعلامي يجيد فن مهارة إدارة المعارك الفضائية عبر البرامج الحوارية، علي أن يتم الترشيح لهذا المعهد، الذي سيستعين بخبراء إعلاميين دوليين، من كوادر الحزب من خريجي كليات الإعلام ومن الذين يعملون في الأجهزة الإعلامية المختلفة، بمواصفات صارمة تفوق إلى حد كبير مواصفات المذيعين ومعدي البرامج التلفزيونية والإذاعية، مع الثقافة العامة يراعي بطبيعة الحال الشكل والهندام والاستعداد الفطري والموهبة و.. و..
* ونستطيع القول، والحال هذه، بأن الحزب الحاكم عما قريب سيغذو الفضائيات العربية والإنجليزية العالمية بكوادر مؤهلة جدا في هذا الضرب، وبطبيعة الممارسة ستكون هذه المجموعة على صلة بالمكتب السياسي للحزب، ذلك لأجل الإلمام بآخر المستجدات، فضلاً عن خارطة الطريق السياسية والفكرية التي يعتمدها الحزب و.. و..
* مخرج.. ذهب أحدهم ذات يوم في أدب وصف شكل الذئب الذي أكل سيدنا يوسف عليه السلام، قبل أن يستدركه أحدهم بأن الذئب لم يأكل سيدنا يوسف، فقال الرجل “إذن هذا هو شكل الذئب الذي لم يأكل سيدنا يوسف عليه السلام”.. وأنا بدوري أقول “إذن هذا هو وصف المعهد الذي لم يصنعه بعد حزب المؤتمر الوطني”!!