عالمية

جنوب السودان يعيش سلاماً متأرجحاً


كان يمكن أن يكون أملاً مرضياً، الاحتفال باتفاقية السلام الموقعة في جنوب السودان، باعتبارها نهاية للحرب التي كانت قدر سكان هذه البلاد البالغ عددهم 12 مليون نسمة طوال السنوات الستين الماضية، بما في ذلك الصراع المدني القاسي على نحو غير مألوف، الذي طحن البلاد منذ استقلالها في يوليو 2011، ولكن 8 عمليات وقف لإطلاق النار على الأقل انهارت منذ اندلاع الحرب الأهلية في ديسمبر 2013. وبعضها في غضون ساعات قلائل من توقيعها. وقد اتهم الجانبان أحدهم الآخر بالفعل بمواصلة الهجمات، ومن شأن الضغط المتواصل من جانب الأم المتحدة والولايات المتحدة على قادة جنوب السودان، أن يعطي للسلام أي فرصة على الإطلاق.

هذه ليست بالمشكلة التي يمكن للولايات المتحدة أن تتجنبها، فجنوب السودان يدين بوجوده على نحو فريد بين الدول الأفريقية وواشنطن، ابتداء من إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، لكن الأمر لم يستغرق وقتاً طويلاً بعد الاستقلال، لكي يقوم رئيس جنوب السودان سيلفا كير بشن الحرب على نائبه ريك مشار، وجر جماعتيهما العرقيتين المختلفتين ومؤيديهما الأجانب إلى صراع شائك، أسفر عن جرائم الاغتصاب وذبح الأطفال وغيرها من الجرائم الرهيبة التي راح المدنيون ضحية لها، وأجبرت 2.2 مليون نسمة على الرحيل عن بيوتهم.

وخلال الرحلة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى شرقي أفريقيا في يوليو الماضي، قام بجمع قادة جيران جنوب السودان لعقد اجتماع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وهو الاجتماع الذي اتفقوا فيه على تهديد الزعيمين المتحاربين بالعقوبات الدولية إذا لم يتوصلا لاتفاق سلام بحلول 17 أغسطس، وقد قام مشار بالتوقيع على هذا اليوم الذي يشكل موعداً نهائياً، ولم يقم كير بالتوقيع إلا بعد فترة، مشيراً إلى تحفظات قوية بعد أن هددت الأمم المتحدة بالقيام بـ «تحرك فوري».

وتنص الاتفاقية على حكومة تقوم على أساس تقاسم السلطة، ومجدداً، يتولى مشار فيها منصب النائب الأول للرئيس لمدة 30 شهراً، على أن تتولى السلطة بعد ذلك حكومة منتخبة، كما نصت على وقف فوري لإطلاق النار، ورحيل كل القوى الأجنبية عن البلاد، وتشكيل لجنة حقيقة ومصالحة للتحقيق في ما تم ارتكابه خلال الحرب الأهلية من انتهاكات لحقوق الإنسان.

وحسب رؤية المراقبين الدوليين، فإن ذلك كله يرقى إلى محاولة للعودة بجنوب السودان إلى حيث كان على وجه الدقة قبيل اندلاع القتال بين الطرفين المتصارعين، لكنه في حقيقة الأمر لا يحسم المشكلات الأساسية التي قوضت كل عمليات وقف إطلاق النار السابقة، فهناك العداء بين كير ومشار، وبين مجموعتي الدنكا والنوير العرقيتين، وهما أكبر مجموعتين عرقيتين في جنوب السودان كلها. وهناك أيضاً التاريخ الطويل من الاقتتال قبل الاستقلال ومنذ الحصول عليه، الذي حول جنوب السودان إلى مجتمع فرض عليه الطابع العسكري بشكل يصعب تجاوزه على الأقل في المستقبل القريب.

وهذا في واقع الأمر نهج سليم، ولا ينبغي على واشنطن التردد في تبنيه والمبادرة إلى تنفيذه، ولا بد للإدارة الأميركية أيضاً أن تكون صارمة بصورة متساوية مع جيران جنوب السودان، الذين انحاز بعضهم إلى فريق أو آخر في إطار الصراع الذي شهده جنوب السودان، ويتعين على أولئك الذين ساندوا جنوب السودان حتى حصوله على استقلاله، أن يتابعوا المسيرة معه حتى التوصل إلى سلام دائم.

ضعف الصفقة

على الرغم من أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تدرك بوضوح ضعف الصفقة التي تم التوصل إليها أخيراً، إلا أنها قالت إنها ستحاسب وتفرض عقوبات على أي زعيم ينتهك الاتفاقية.

البيان


تعليق واحد

  1. من الواضح ان حسابات امريكا قد اختلفت او خسرت الرهان على الحركه الشعبيه منذ دعمهم لها فى سنين الحرب مع حكومة السودان واثناء الانفصال وتحريضها لانتهاك اراضى السودان وافتعال المكايدات التى تؤدى الى الحرب مرة اخرى ولكن بين دوليتين هذه المره وتكون الغلبه فيها للدوله الوليده ولكن ما لم يكن فى حسبان الدوله العظمى ان الافارقه مريضى سلطه وسطوه اذ اى رئيس يريد ان يكون له الباع الاكبر وان يجمع كل السلطه فى يده وذلك ما لا يمكن تحقيه فى بلاد مثل جنوب السودان اذ به اكبر قبيلتين تتقاتلان من اجل السطله ويفرق بينهم تقاسم السلطه فالنوير يرون ان رئيس الدوله يجب ان يكون من قبيلتهم لا لانهم اكبر قبائل الجنوب فحسب بل لان العمود الفقرى بل كل اقتصاد الدوله ياتى من مناطقهم وهو البترول وذلك ما لا ولم يسلم به محاربو الحركه الشعبيه والتى اسست على يدى احد ابناء الدينكا وتلك هى القبيله الاخرى والتى تعتلى سدة الحكم . فاذا يا امريكا المنطق يقول ان محاربتك ومعاداتك للسودان لن يحقق احلامك فى استقرار الدوله الوليده فالاولى ان تطبع العلاقات مع السودان الشمالى حتى يتثنى لكى السيطره على حكومة الجنوب ومن ثم نهب خيراته وذلك الهدف الرئيسى والا فانت ليس بتلك الشعارات الزائفه عن ارض الاحلام وبلاد الحريات والتعدديات