مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : ليكن «كارثة طبيعية» وصدّام لم يضرب «العالي»


> بعد حديث الخبير المصري في كتابه الدكتور عبد الدائم خبير المياه، وحديثه هو أن «سد النهضة سوداني» أي السودان يستفيد منه بالدرجة الأولى.
> وبعد أن أصبح تصميم السد بما تسعه بحيرته بمقدار أربعة وسبعين مليار متر مكعب للاستفادة وليس للاستهلاك، وهذا ربما جعل البعض يستنتج احتمال خطورة السد.
> بعد كل هذا يخرج من ندوة حول سد النهضة عنوانها «الفرص والتحديات وصراع الإرادات» تزامنت مع ندوة دار المهندس حول آثار هذا السد أمس الأول وعلقنا عليها هنا أمس،، يخرج اتهام ضد الحكومة.
> والاتهام يحمله ضدها مستشار بوحدة تنفيذ السدود التي نفذت سد مروي بتكلفة كانت يمكن أن تكفي لتنفيذ سد آخر مع سد مروي.. والآن هناك قضية.. نشرتها بعض الصحف..
> الاتهام هو أن الحكومة وافقت على قيام سد النهضة على أساس سياسي. والاتهام يطلقه المستشار في الندوة التي أقامها مركز تحليل النزاعات لدراسات السلام بجامعة أم درمان الإسلامية. ولا أدري كيف سيحلل هذا المركز التحليلي هذا الاتهام الغريب.
> لكننا نقول هنا إن الحكومة السودانية إذا كانت أيام الهيجة الإعلامية المصرية وقبل تسكينها قد اعترضت على قيام السد.. هل كان اعتراضها سيكون دون تقديم أسباب فنية وحقوقية؟!
> الحكومة السودانية لم تر جنس هذه الأسباب، واتضح لها أن السد الإثيوبي للاستفادة من المياه وليس لاستهلاكها.. وأن إثيوبيا تريد تغيير لقب النيل الأزرق الذي ينبع منها من لقبه القديم «النهر الخائن» إلى لقب جديد يمكن أن يكون هو «النهر المعطاء».
> وقيل أن المصريين في السابق زوروا لقبه من «الخائن» إلى «الخامل» حتى لا يحّرض لقبه الحقيقي أهله فينفروا إلى الاستفادة منه، فيؤثر ذلك على مقدار المياه الذي يذهب إلى منطقة المصب. وطبعاً لا علاقة للنهر بالخمول أصلاً.
> فهو عكس ذلك سريع ودفّاق وفيّاض ودمّار.. ووردي يغني في أغنية القمر بوبا «بحر الدميرة الهدّ ونزل» ويقصد النيل الأزرق طبعاً، لأن النيل الأبيض هادئ.
> وحتى تصميم السد لو استشير فيه خبراء مصر والسودان جميعهم ما أظنهم سيقدمون تصميماً أقوى من هذا الذي ينفذ حالياً. لكن كما ذكدنا بالأمس هنا فإن هاتين الدولتين من خلال بنود وثيقة سد النهضة يمكنهما رقابة التشغيل.. ويمكن أن يراقب السودان وقوع الأضرار، وطبعاً هذه الأخيرة لا تهم مصر لأن السد العالي المصري المحفورة بحيرته على الأراضي السودانية التي تسع مائة وستين مليار متر مكعب يصفّي الأضرار المحتملة.
> ولك أن تلاحظ هذا الأمر المدهش.. سد النهضة لا يقوم على أرض سودانية ويستفيد منه السودان.. والسد العالي تمتد بحيرته في أرض سودانية وقد تضرر منه السودان. وإن جزءاً من هذا الضرر سيعالجه سد النهضة .. ويمكن أن تحدث هجرة عكسية للحلفاويين من حلفا الجديدة إلى وادي حلفا. ويمكن أن تحدث أيضاً هجرة عكسية للإثيوبيين من السودان إلى إثيوبيا للتمتع بثمار السد هناك.
> ولماذا نضيع الوقت في الحديث عن أن السودان ما كان يوافق على قيام سد النهضة بهذه السعة التخزينية؟! لماذا لا نكون واقعيين ونعمل للاستفادة من السد الإثيوبي، وفي نفس الوقت نستفيد من بنود «الوثيقة» في درء مخاطره بواسطة متابعة ودراسة كل الخبراء السودانيين؟!
> سد النهضة حتى ولو كان كارثياً على السودان كما يقول الباشمهندس كمال علي وزير الري الأسبق، فهو قد أصبح واقعاً مثل «الكوارث الطبيعية».. لا يمكن منعها.. لكن يمكن احتواء آثارها. هذا لو كان بالفعل كارثة، ولا يمكن أن يحاربنا عدو بانهيار سد إذا لم يفكر في تسميم مياه النهر.
> أما المدير الأسبق لمركز دراسات حوض النيل بروفيسور حسن الساعوري، فقد أشاع المخاوف من تحويل السد إلى سلاح سياسي، ويقول يمكن أن يستخدم ضد السودان ومصر.. وهذا احتمال ضعيف طبعاً، فمستقبل إثيوبيا أن يصبح سكانها تسعين بالمائة مسلمين، وهم الآن أكثر من ستين بالمائة، فسد النهضة إذن مستقبلاً لمصلحة المسلمين في البلدين إثيوبيا والسودان، أما مصر فقد صمتت.. لكن هل أوكلت مصر جماعة غير مصرية لخوض حرب فنية ضد سد النهضة بعد صمتها الرهيب؟! ثم لماذا لم يضرب صدام السد العالي؟!
غداً نلتقي بإذن اللَّه.