مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «رفع العقوبات» سعر أمريكي لبضاعة سودانية


> الأوضاع الإنسانية في السودان هل مازالت سيئة؟! وهل هي بمستوى يجعل وضع السودان تحت البند الرابع من لوائح الأمم المتحدة الذي يتيح مراقبة أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد؟!
> كيف ثبت لبعض الأمريكيين.. ويمكن أن يكون بعضهم يهوداً ــ وبعض ما تسمى المنظمات الحقوقية ــ ويمكن ايضاً أن يكون بعضها يهودية ـ كيف ثبت لهم أن الأوضاع الإنسانية في السودان مازالت سيئة؟!
بل من الأولى من كان يتحمّل مسؤولية سوئها؟!
> والأوضاع الإنسانية في السودان لا بد من شرحها وتفصيلها للشعب السوداني.. فإذا كان المقصود بها إفرازات الحروب فواشنطن تعلم ما هي الحقيقة. ومتى غابت أعين واشنطن عن الأوضاع في الساحة السودانية، بل كل الساحة الإفريقية؟!
> وأعين واشنطن منتشرة في كل الساحة، فهي في بعثتها الدبلوماسية التي تقيم الآن في سوبا مبنى «إمبراطور» وليس مبنى سفير دولة.. وأعين واشنطن في قيادة اليوناميد.. وأعين واشنطن في المنظمات الأجنبية.
> والأعين الكاذبة لواشنطن إذا وجدت تكون هي أعين بعض المعارضة. ونعلم أن واشنطن قد استفادت من خراب الاتحاد السوفيني.. فبعد خرابه توجه نحوها اليساريون عباد الصنم السوفيتي المنهار ليضربوا بقوتها خصومهم.
> والبند الرابع توضع فيه الدولة بعد أن يبرز الناس انتهاكات لحقوق إنسان في بلد بسبب تحرك النظام الحاكم نحو هذه الانتهاكات بقوته، والسودان يكرس قوته لإنهاء الحروب التي أصلاً أشعلتها ومولتها القوى الأجنبية التي لا تتغيب عنها واشنطن.
> أما إذا كان المتهم بأنه وراء سوء الأوضاع الإنسانية هي الحركات المتمردة.. فالحركات المتمردة يمكن أن تكون ثعباناً بلا أسنان وبلا سم لصالح الأوضاع الإنسانية إذا أوقفت واشنطن وإسرائيل وجنوب السودان ويوغندا مد هذا الثعبان بالأسنان والسم، فهي التي تمدها به.. لذلك تسوء الأوضاع الأمريكية
> إذن من يحتاج إلى أن يوضع تحت البند الرابع هم الأمريكان أنفهسم، ومعهم الحليف اليهودي والأصدقاء الوهميون.. «جنوب السودان ويوغندا» والآن يضاف إليهما «حفتر» طبعاً ليصبح جزء من ليبيا مثل كل ليبيا أيام القذافي عدواً مفضوحاً للسودان.. يدعم التمرد ضده فتسوء الأوضاع الإنسانية ليطالب بعض الأوغاد بإعادة السودان إلى البند الرابع.
> و «البند الرابع» تتعامل معه بعض الدوائر الأجنبية على أنه تسويق لبضاعاتها التآمرية أكثر من كونه قانوناً يحمي حياة الناس. فحياة من تريد أن تحميها القوى الأجنبية داخل إفريقيا او الوطن العربي والعالم الإسلامي؟!
> ورفع العقوبات على السودان كأنما تتخذه واشنطن «وعداً» وهمياً للأطفال. إذا أردت من الطفل أن يترك شيئاً أو يفعله وعدته بما يسرّه في كل مرّة دون أن تفي له به.. ويظل وعداً وهمياً له لإثنائه عن فعل شيء أو إقناعه بفعله.
> رفع العقوبات كان وعداً لمحت به واشنطن قبل عام «2000م» وربطت تنفيذه بتحرك الخرطوم نحو تحقيق التحوّل الديمقراطي.. لكنه كان وعداً وهمياً حتى بعد عودة الشريف زين العابدين الهندي بمبادرته وعودة الصادق المهدي بنداء الوطن في عملية تفلحون.
> رفع العقوبات الأمريكية عن السودان بعد ذلك كان مربوطاً بما تخيله الناس «الوعد الأخير»، لكنه كان ايضاً وعداً وهمياً بعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا في عام 2005م.
> رفع العقوبات عن السودان بعد ذلك كان مربوطاً باستفتاء الجنوبيين حول تقرير مصيرهم، وكان الاستفتاء مثل الانتخابات الأولى بعد التوقيع على «نيفاشا» في موعده.. لكن كان كما جرت العادة الأمريكية وعداً وهمياً.. وعداً كأنه لطفل.. أي وعد مكرر يكرر للطفل كلما طُلب منه فعل شيء أو تركه.
> والآن هل ربطت واشنطن رفع العقوبات هذه المرة بوعد غير وهمي مكرر بلعب دور سوداني كبير في حل مشكلة جنوب السودان؟! هذه المرة أمام السودان فرصة كبيرة بأن يحوّل الوعد الأمريكي الوهم في كل مرة إلى حقيقة، بعد أن لاحظت واشنطن تماسك الحكم والإدارة الذكية للأزمات داخل دولة عدوها «السودان».. وانهيار دولة صديقتها «الحركة الشعبية» أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.
> الآن البضاعة المطلوبة في هذا الوقت يملكها إذن السودان، وهي دوره في حل مشكلة بل مشكلات دولة الجنوب ذات الصناعة الأمريكية السيئة الرديئة.. وسعر هذ البضاعة هو رفع العقوبات كلياً، ولا يكفي صادر الصمغ ووارد الأجهزة الإلكترونية.. ترى هل ستفهم واشنطن هذه المرة الدرس؟! هل سيكون الوعد هذه المرة وعداً لرجال أداروا أزمات دولتهم التي صنعتها أصلاً واشنطن بذكاء وليس وعداً وهمياً مكرراً للأطفال؟!
غداً نلتقي بإذن الله.