الصادق الرزيقي

الرهانات الجديدة


> تكتمل حلقات التآمر على البلاد، بالاجتماعات التي عقدها المبعوثون الدوليون للسودان وقيادات ما تسمى الجبهة الثورية بباريس الأربعاء الماضي، بمشاركة بعض رموز المعارضة السياسية ومن خاطبوها منهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فالبرغم من أن هذه الاجتماعات لا قيمة لها على الأرض ولا تمثل أي تهديد مباشر للوضع الأمني في دارفور والمنطقتين لانحسار التمرد وخبو ناره، إلا أن الأطراف الدولية التي تمثل الجبهة الثورية بعضاً من بيادقها، تريد استثمار هذه الاجتماعات واستغلال هؤلاء المستغفلين لأجندتها الخاصة بها، ومن بينها العمل مع تحالف المعارضة والمتمردين لتبني قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي الأخير.
> فمع اقتراب تضييق الحلقات على السودان، وإحالة مجلس السلم والأمن الإفريقي تقريره لمجلس الأمن الدولي، تحرص القوى الغربية على صناعة غطاء سياسي للتقرير بتسخين ساحة المعارضة ووضعها على الواجهة، وجعلها تردد شعاراتها وتلوك اتهاماتها الساذجة السابقة لتتزامن مع التحركات السياسية الدولية، وظلت الحركات المتمردة مثل حركة عبد الواحد نور تكرر الأسطوانة المشروخة القديمة عن الاغتصابات والإبادة الجماعية وحرق القرى والعناصر الدخيلة المستوطنة القادمة من غرب إفريقيا، فضلاً عن الحديث المضحك عن التعويضات الجماعية والفردية والحريات، وغيرها من الكلمات والعبارات التي ثبت مع الزمن أنها سلعة بائرة وبضاعة سوق أصابه الكساد.
> مجموعة الجبهة الثورية سيطول انتظارها، لو أنها راهنت على قرارات من مجلس الأمن الدولي تجعلها تدخل البلاد دخول الفاتحين عقب إسقاطها النظام، فالخرطوم لا تأبه كثيراً لما يُدار حولها ويحاك ضدها، لأنها تعلم نوع المعارضة وما مدى قدرتها على تحقيق أي هدف من أهدافها، فأين هي مجموعة عبد الواحد محمد نور؟ وأين توجد قوات مني أركو مناوي؟ وماذا فعلت الحرب وقوز دنقو بحركة العدل والمساواة بعد أن صارت أثراً بعد عين؟ وأين قطاع الشمال بالحركة الشعبية؟ألم يتحولوا إلى مجموعة من قطاع الطرق في جنوب كردفان مطاردين من جبل إلى جبل ومن كهوف إلى مغارات؟
> إذا كانت القوى الدولية تراهن على هؤلاء، فإن الرهان خاسر، لأنه لا توجد قوات للحركات على الأرض تستطيع القيام بعمل عسكري يقلب الطاولة ويعيد معادلة الحرب وتوازن القوة من جديد، فالحركات انتهت عملياً، عبد الواحد محمد نور له مجموعات صغيرة في أعالي جبل مرة لا تقوى على النزول إلى السفوح وليست لديها القدرة على أية مواجهة عسكرية وبدأت تضعف شيئاً فشيئاً، واعتماده السابق على قوة التأثير الإعلامي باستخدامه النازحين في المعسكرات، لم تعد هذه الورقة كما كانت في السابق، فكل المعسكرات والنازحين بدأوا يتفهمون ما الذي يحدث؟ وما هو مستقبلهم؟ والبعض منهم يفضل الاستقرار والرجوع إلى مناطق زراعته وموطنه القديم، والبعض يريد الحياة الجديدة في أحياء ومدن سكنية جوار عواصم وحواضر ولايات دارفور.
> أما قوات مني أركو مناوي فقد رضيت بعد اثنتي عشرة سنة من التمرد بأن تنال بجدارة فائقة مناصفة مع حركة العدل والمساواة، لقب «المرتزقة»، وهم يقاتلون لصالح الأطراف الليبية المتصارعة، مرة مع القذافي قبل سقوط نظامه وهذه المرة مع أعوان القذافي وخليفة حفتر مقابل حفنة من الدولارات.. تحولوا من قادة يدعون الثورة ضد السلطة الحاكمة في الخرطوم إلى بنادق للإيجار.. ينتظرون من يحسن الكراء!!
> وتبقى المعارضة السياسية خاصة فاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني ومبارك الفاضل والصادق المهدي، تبقى هذه المعارضة السياسية في حيرتها، فهي لا تقرأ الواقع جيداً ولا تفحص معطياته، تتشرنق داخل الوهم الذي تعيشه، لا تجني منه إلا السراب، فليس من مصلحة هذه المجموعات السياسية أن تسير خلف القافلة المسلحة للحركات المتمردة، فمن يحمل البندقية لن يعطي أصحاب الياقات البيضاء والحلاقيم الجهيرة من كعكة السلطة شيئاً إذا آلت إليه ووضعها بين فكيه وأنيابه!!
> كل ما يحدث في باريس وغيرها، تمهيد للمسرح من جديد من قبل واشنطون وصويحباتها للمرحلة المقبلة في الملف السوداني الشائك، الكل يسابق الزمن هنا وهناك.. والأيام حبالى يلدن كل جديد.