عبد الباقي الظافر

في بيتنا أجنبي .!!


«إنها ساعة جميلة يا أحمد.. هل تود إحضارها إلى البيت الأبيض؟.. يجب علينا أن نلهم المزيد من الأطفال ليصبحوا مثلك؛ يحبون العلوم..إن هذا هو الشيء الذي يجعل من أمريكا بلادا عظيما«..تلك كانت رسالة من الرئيس باراك أوباما بثها عبر حسابه في تويتر إلى ابننا أحمد الصوفي المولود في ام درمان في العام «1002».. وكانت الشرطة الأمريكية قد اعتقلت التلميذ أحمد المقيم في ولاية تكساس عن طريق الخطأ بعد أن اشتبهت في محاولته تصنيع قنبلة.. الحقيقة أن الطفل الأسمر كان مشغولاً بتصنيع ساعة حائط.. قائمة المعتذرين إلى أحمد السوداني شملت مرشحة الرئاسة هيلاري كلنتون ومؤسس موقع فيس بوك ومدير شركة قوقل.
أمس قضيت سحابة يومي في نادي الشرطة في معية عدد من الخبراء في مجال الهجرة.. القصة بدأت قبل عدة أشهر حينما دعا مركز الدراسات المستقبلية بجامعة السودان لوضع إستراتيجية لمواجهة الوجود الأجنبي في السودان.. مدير شرطة الأجانب قدم ورقة حوت إحصاءات غير دقيقة لعدد الأجانب بالسودان.. الورقة أكدت أن نحو مليوني مواطن أثيوبي يقيم في السودان بصورة غير شرعية.. تشاد وأريتريا والنيجر كانت لهم حصة لم تتجاوز المائتي ألف مهاجر.. فيما سوريا الجريحة ترفدنا بألف مواطن شهرياً.
في الحقيقة لفت نظري اضطراب الأرقام والتقديرات.. مدير شرطة الأجانب يعتقد أن عدد المقيمين بصورة غير شرعية في بلادنا نحو ثلاثة مليون نسمة.. الفريق عوض النيل ضحية مدير الإدارة العامة للجوازات والسجل المدني يرى أن الرقم ربما يكون أقل من مليون أجنبي ..لم استغرب من تصادم الأرقام، وذلك لأن السلطات السودانية لا تعرف على وجه التحديد عدد السودانيين المغتربين دعك عن الأجانب الذين قادتهم لبلادنا أحلام الهجرة إلى الغرب أو اضطرتهم ظروف الحروبات للإقامة في بلادنا إلى حين ميسرة.
منذ بداية الجلسات كنت أسأل نفسي أين المشكلة.. إدارة شرطة الأجانب تؤكد أن 75% من المتواجدين في بلادنا بصورة غير شرعية يعتبرون السودان محطة عبور إلى العالم الأول.. وأن اللاجئين من دولة الجنوب أو من سوريا يستفيدون من مزايا قدمتها حكومتنا حينما أعلنت استعدادها لمعاملة اللاجئين كسائر المواطنين.. الكرم الحكومي حرم اللاجئين من مزايا كانت توفرها لهم المنظمات الأممية حينما يتم تصنيفهم كلاجئين.
في تقديري ..أن العمالة الأجنبية تقدم فوائد اقتصادية مهمة جداً للسودان.. هذه العمالة تعمل في مهن حيوية انفضت عنها العمالة السودانية.. هؤلاء الأجانب يعملون الآن في مواسم الحصاد..كما أنهم يشكلون عمالة زهيدة التكلفة مما يسهم في تحريك عجلة الإنتاج في المصانع التي خرج منها نحو تسعين بالمائة من الخدمة في منطقة الباقير على سبيل المثال .. توقف المصانع أحد أسبابه ارتفاع تكاليف الإنتاج وقلة العمالة المدربة.
بصراحة.. مطلوب التعامل مع ملف العمالة الأجنبية بحكمة.. الهدف يجب أن ينصب على تنظيم تدفقات الأجانب ومن ثم تنظيم هذه الهجرات.. تقليل السلبيات وتعظيم الفوائ يجب أن يكون المقياس الإستراتيجي للتعامل مع الهجرة إلى السودان.. بلدنا مازال يحتاج إلى مزيد من السكان و الهجرات تضخ مزيداً من التنوع وكثيراً من الإبداع.