عبد الباقي الظافر

إحترس .. أمامك كاميرا


الشبح يُدوِّخ شرطة منطقة سياتل الأمريكية.. وفي أشهر معدودات يتمكن الشبح وبإتقان تام من نهب أربعة مصارف أمريكية ..والنهّاب الأمريكي لم يكن يتكلم .. بل يلقي للموظف بورقة تهديد تحمل عبارات خادشة للحياء .. ثم يحرك مسدسه في الهواء .. والموظف المرعوب يجمع كل ماعنده من مال ويرميه في حقيبة الزائر الشرس .. والكاميرا كانت ترصده في كل مرة .. ولكنها ومن فرط تنكُّره تفشل في الوصول إليه. وبما أنّ الجرّة لا تسلم في كل مرّة .. وفي الزيارة الأخيرة يفشل الشبح في إحكام تنكُّره .. ومصدر يتصل بالشرطة .. ويدلّهم من واقع مشاهدته للصور المنشورة .. إنّ شبحهم لم يكن إلاّ الصبية شانيل كينبرو .. شانيل ذات الستة عشر ربيعاً وعشيقاً لها فعلوا بسياتل الأفاعيل .. ولم تردّهم عن بغيهم سوى كاميرات سمان .
في عام ٢٠١٠ تمكنت ولاية الخرطوم من أن تنتزع منا إشادة .. وهى تفتتح مشروع الرقابة الإلكترونية بخمسين كاميرا .. كان من المخطط ان تنتهي في مرحلتها النهائية إلى نحو ثلاثمائة .. والخرطوم على سعتها وتمددها الأفقي تنتهي إلى شيء صغير داخل غرفة المراقبة المركزية بالمقرن .. المشروع الطموح والذي رصدت له الولاية الفقيرة وقتها نحو خمسين مليون من الدولارات .. يجعل الخرطوم تخطو بثبات نحو مدينة بمواصفات عالمية .. ومواصفة المدينة الحديثة ليست أمراً يسيراً .. بل تحتم على العاصمة أن تجتهد في مخبرها ومظهرها. ليس من الإنصاف النظر إلى مشروع الرقابة الإلكترونية في إطار ضبط حركة المرور .. فهو يمضي إلى ما وراء ذلك .. إلى خلق مدينة آمنة ومسالمة .. قبل أن تحدثك نفسك العجولة بتخطي الإشارة الحمراء .. ستضطر إلى استشارة جيبك المعدم .. وبين هذه وتلك ستعود الإشارة خضراء سالكة للعابرين.
بعد مرور نحو خمسة سنوات عادت ولاية الخرطوم لتتحدث عن الزام المؤسسات والشركات بتركيب كاميرات ..الكاميرا الالزامية ستكون واحدة من شروط الترخيص كما جاء في الأخبار ..صحيح الخطوة مهمة جداً في تأمين العاصمة..ولكن ربما يكون الوقت مناسب لنسأل ماذا فعلت كاميرات الحكومة ومشروعها التقني الذي كلف نحو خمسين مليونا من الدولارات ..حتى هذه اللحظة لم تفعل الرقابة الالكترونية على السيارات.
قبل أربعة عشر شهر اغارت مجموعة علي جريدة التيار قبيل غروب الشمس ..بعد انجزت المجموعة مهمتها وكادت ان تقتل الاستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير عادت لقواعدها سالمة وربما عبرت جسر المك نمر باعتبارها اقرب مخرج امن..كنت أظن ان كاميرات الولاية ستقوم بالقبض على المجموعة الإرهابية في سويعات ولكن لم يحدث ذلك.
في تقديري.. ان على حكومة ولاية الخرطوم ان تخرج لنا بطرد حساب عن إنجازات تلك الكاميرات ..لا اعتقد ان كل المشروع كان الهدف منه تأمين الخرطوم ضد المظاهرات او رصد السيول القادمة من بعيد..المشروع استهدف تأمين الناس في اموالهم وأرواحهم وهو ما لم نحس به حتى الان..لذلك عندما تتجه الولاية الى تحميل المواطن فاتورة تأمين الشارع يجدر بنا ان نسال عن المكون الحكومي في هذا المشروع..اذا استشعر الناس اهمية الكاميرات لن يحتاجوا لمرسوم سلطاني تعقبه عقوبات للمخالفين..بل ربما الاجدى تحفيز المؤسسات والافراد عبر تقديم النموذج العملي..الان وجود كاميرا في مؤسسة خاصة ربما يغني عن توظيف عدد من الحراس.
بصراحة ..الشعب يريد ان يرى نفسه في مشروع الرقابة الالكترونية..بمعنى ماذا تفعل الكاميرات الحكومية.


تعليق واحد

  1. كصحفي تبرع بفتح هذا الموضوع يجب أن تتقصى فيه حتى تصل لنهاياته. رصدت الولاية 50 مليون يجب أن تجد اجابة للسؤال أين وصل هذا المشوع. ومن المسئول عنه وأين صرفت الأموال واين مستندات صرفها. يجب أن تتابع الموضوع وليس فتحه ثم الانصراف هذا هو اسلوب الصحفيين الجبانين من أمثال الهندي وضياء ومجمد عبد القادر والصادق الرزيقي وأحمد البلال وغيرهم.