مزمل ابو القاسم

ترويج المرض


* لم تعد الأخبار التي تتحدث عن ضبط أجانب يعملون في الحقل الصحي، من دون أن تكون لهم أدنى صلة بمهنة الطب تثير الاستغراب، لكثرتها وتواليها، هذا بخلاف الأخبار التي تشير إلى ضبط أطباء وفنيين يعملون في مستشفيات خاصة بلا تسجيل ولا تصديق.
* كل ذلك كوم، وما تفعله بعض شركات التداوي بالأعشاب كوم آخر، لأنها تمارس عملها على الملأ، وتزحم أثير القنوات الحكومية والخاصة بإعلانات متتالية، تزعم فيها قدرتها على معالجة كل الأمراض، بدءاً بالسرطان (حمانا الله وإياكم)، وانتهاءً (بالفكك والفَقِه والبهاق)!
* قبل أيام أقدمت وزارة الصحة على فتح (13) بلاغاً في مواجهة شركة شهيرة، تعمل في مجال التداوي بالأعشاب، وتمتلك مباني ضخمة، وفروعاً في العاصمة ومعظم المدن الكبيرة بالولايات، وتعلن عن أدويتها وخدماتها في كل وسائل الإعلام، من دون أن تحصل على أي ترخيص من وزارة الصحة.
* شركة أخطبوطية، توظف كوادر يباشرون علاج الناس من دون أن يتم تسجيلهم في المجلس الطبي، والمجلس القومي للمهن الطبية والصحية.
* بعض من شملتهم البلاغات يحملون شهادات في المحاسبة ويعملون في مجال الصيدلة، وبعضهم لا يمتلك أي مؤهلات أكاديمية، ويتعاملون مع الأدوية، ويوهمون العامة بقدرتهم على معالجة أخطر الأمراض.
* ضبطت الوزارة مواد فاسدة ومعدات منتهية الصلاحية، وخلطات وتركيبات غير مسجلة في أي جهة، تباع للمواطنين علناً، وتدر على الشركة المذكورة أموالاً طائلة.
* المخالفات لا تنحصر على شركة واحدة، لأن مراكز العلاج البلدي، ومحلات التداوي بالأعشاب انتشرت في كل مدن السودان، لتهدد حياة البشر، وتؤذي الأصحاء قبل المرضى، من دون أن تتحرك أي جهة لإيقاف تلك المسخرة.
* قبل فترة خضع أحد أقربائي لعملية (حجامة) في مركزٍ للتداوي بالأعشاب، نتج عنها إصابته بتسمم في الساق، أدى إلى وفاته، وأمثاله كثيرون، يصدقون الخزعبلات التي تبث في الإعلانات الكاذبة، وتكون المحصلة وبالاً عليهم.
* يستغلون تساهل الدولة، وجهل العامة، وميلهم إلى تصديق إفادات مضروبة، تبث على الملأ، ويدلي بها دجالون مستأجرون، يزعمون أن تلك المراكز العشوائية شفتهم من أمراض خطيرة، وعلل مستعصية!
* هذا بخلاف ما يبث عن القدرة على معالجة أمراض البشرة، وتساقط الشعر، وكريمات التجميل، التي تباع لملايين النساء من دون أن تخضع لفحصٍ أو تسجيلٍ رسمي من وزارة الصحة والإدارات التابعة لها.
* المصيبة تكمن في أن معظم المراكز المذكورة ما زالت تمارس عملها بلا رقيب، وتواصل غشها للناس تحت سمع وبصر وزارة الصحة، التي أفتت بأن الغشاشين الذين يبيعون الوهم والمرض للبسطاء لا يتبعون لها، ولم يحصلوا على أي تصديقٍ منها، وتركتهم يمارسون عملهم حتى اللحظة.
* أوقفوا هذه المسخرة، وأغلقوا المراكز العشوائية بالشمع الأحمر، حولوا كل من يمارس عملاً يتصل بالطب من دون مؤهلات أو تصديق إلى المحاكمة، ليصبح عبرةً لمن يعتبر.