منى ابوزيد

في قصص الشعوب ..!


«الدولة القوية تضفي على من يمثلها قوة، وحتى ولو كان مصنوعاً من القش».. عبد الرحمن منيف ..!
(1)
السياسة التي انتهجتها البرازيل مع الأمريكيين عند دخول أراضيها ما تزال من أبلغ سوابق المعاملة بالمثل في تقاليد المجتمع الدولي، فالأمريكي- الذي فرضت بلاده تصوير القادمين إليها وأخذ بصماتهم في المطارات – تم التعامل معه بذات السياسة التي تطبقها بلاده و «الحشاش يملأ شبكتو»! .. قد يقول قائل إن ترتيب البرازيل هو العاشر في قائمة الدخل السنوي لدول العالم، وبالتالي فهي تقدل فوق عديلها! .. ولكن مبدأ المعاملة بالمثل في نهاية الأمر مسألة مبدأ، وهو الطريقة الوحيدة لحفظ هيبة الدولة وسيادتها، وهو الذي صون كرامة مواطنيها في طرقات وأزقة هذا العالم القاسي .. أليس كذلك..؟!
(2)
لا مقارنة بين حجم القوة الاقتصادية ومقدار الحظوة السياسية الدولية لكل من السعودية «التي تتصدر قائمة الدول المنتجة للنفط، والتي تضاعف إنتاجها الوطني أكثر من ثلاثة وثلاثين مرة في أقل من ثلاثين عام» وسوريا «الدولة النامية التي تصنف في المركز السابع والتسعين عالمياً والثاني عشر عربياً من حيث جودة الحياة والسابع بعد المائة من حيث التطور البشري»، ورغم اتساع الهوة كان يتم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بينهما في فرض الرسوم على دخول الحدود المشتركة لسنوات طوال قبل اندلاع الأزمة السورية ..!
(3)
التجربة الديمقراطية في الكويت حالة مغايرة جداً للسائد والنمطي في أحوال الحاكمين والمحكومين العرب، وهي في فرادتها مثل «زهرة لوتس» تحيا بين برك الأنظمة العربية الشمولية الساكنة من المحيط إلى الخليج.. الكويت تتفوق على بقية العرب بدستور فريد، ونظام حكم ملكي دستوري، وشعب مسموع الكلمة، ومجلس أمة قوي يضع حكومته دوماً على المحك، ويمارس النواب دورهم الرقابي والتشريعي كما ينبغي له أن يكون، من جلسات الاستجواب الحقيقية إلى صناعة التغييرات الوزارية.. ولئن كانت هذه هي ديمقراطية منتصف الطريق، أو «دمقرطة السلطة» كما يحلو لبعض المحللين وصف نموذج الديمقراطية في الكويت، فما أحوج بقية العرب والمسلمين إلى مثل هذا «المنتصف».. من وجوه التميز أيضاً أن التيار الإسلامي في الكويت – وعلى الرغم من كونه قوة مؤثرة في الساحة السياسية المحلية – يتعايش بطريقة عصرية مع أطروحات تجربة الديمقراطية الليبرالية المقيدة التي تشهدها البلاد «والتي لا يعتبرها البعض مفهوماً مناوئاً للشريعة الإسلامية»، الأمر الذي يعود بنا إلى الحديث عن تفرد الممارسة السياسية في تلك القلعة الخليجية الهادئة ..!
(4)
المذيع يسأل أحد المستمعين على الهاتف: «هل تعتقد أن علينا أن نصاحب المسلمين»؟! الرجل مجيباً بثقة يحسد عليها: «اعتقد أن مصلحة أمريكا أن تصاحب المسلمين الأمريكيين للتخلص من زعمائهم في بلاد الإسلام»! .. المذيع معقباً بكل اطمئنان يغبط عليه: «أنت تعتقد أن علينا أن نصاحب المسلمين، ولكني أرى أن علينا أن نقتلهم»!.. هذا رجل عاقل بالغ يدعو أمريكا – عبر أثير إذاعتها- إلى قتل المسلمين، لكننا لم نسمع بردة فعل تشجب موقفه أو تتهمه بالتحريض على جريمة قتل، فالبيت الأبيض الذي يندد بدبيب نمل المسلمين يرى أن الكثير من حوادث الإساءة إليهم والتصريح بكراهية إسلامهم هي جزء من حرية التعبير في أمريكا .. لكن الموازين تنقلب تماماً عندما يعتقد – بعض أمثاله من حمقى المسلمين – أن عليهم أن يقتلوا بعض مواطنيه الأمريكيين ..!