تحقيقات وتقارير

سيكون أمام الدكتور جلال عدة خيارات لمسح الانطباع الباهت بتحسس أوراقه جيدا قبل أن يدلق عليها الحبر


مؤكد أن شعورا صادما قد انتاب مساعد رئيس الجمهورية جلال الدقير وهو يقرأ النفي المغلظ وربما الساخر الذي أطلقه المتمرد جبريل إبراهيم على لقاء كان قد جمعهما حسب الدقير في العاصمة البريطانية “لندن” وهو ما لم يحدث حسب جبريل، وبصورة فارقة تدحرجت تكهنات البعض حول حقيقة اللقاء من عدمه خاصة مع اختفاء الصورة التقليدية في مثل هذه اللقاءات، لكن السؤال امتد أيضا عن قيمة اللقاء وسريعا ذهب البعض إلى أن الدقير كان يحاول نيل نقاط إضافية وصناعة “بروباقندا” متزامنة مع موجة الحوار الوطني الحالي، خاصة وأنه من المطلوب البحث عن مثل هذه الاختراقات النوعية التي تعذرت على الحكومة، لكن آخرين ربما يرون أن الدقير نفسه لم يدل بهذا الحديث وإنما نسب إليه بالخطأ، وهو ما لم ينفه مصدر الخبر البتة، أو حتى هذه اللحظة، وكذلك لم ينفه الدقير نفسه.
قياديون في حزبه ـ أقصد حزب “الدقير” ـ نظروا للخطوة بأنها كارثة حقيقية تتطلب التوقف عندها من عدة جوانب، ففي المقام الأول يفترض حسب القيادات أن يتم توضيح حول الحادثة بأبعادها المختلفة سواء أكان خللا في الناقل أو الوسيط، فيما رأى آخرون أن زيارة الدكتور جلال للعاصمة البريطانية لم تكن تحمل ملفا تنظيميا بلقاء الحركات المسلحة والمعارضين في الخارج وربما تعبر عن تكليف حكومي، لكن الخبر المنقول عنه يشير إلى أنه التقى فعليا عددا من الفعاليات السياسية الموافقة على الحوار أو تلك الممانعة، وذهب الدقير في حديثه إلى أنها ـ أي اللقاءات ـ حملت بشريات سارة ستشكل دفعة للحوار دون أن يخوض في الإفصاح عنها، ومما يزيد من بعد حديث الدقير من واقع عملية الحوار أنه قال: “وجدنا ترحيبا من القوى السياسية السودانية المعارضة والحركات المسلحة بالخارج للمشاركة في فاتحة أعمال مؤتمر الحوار”. في ذات اللحظة التي يقر فيها مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود بتعذر مشاركة أبرز قادة الأحزاب السودانية وهو الصادق المهدي في الحوار، عندما يقطع في حديثه بالمؤتمر الصحفي أمس بعدم حضور المهدي بداية جلسات مؤتمر الحوار، ويعيب في حديثه أيضا عقب اجتماع المكتب القيادي موقف المقاطعين للحوار الذين هم بلا شك كثيرون.
سيكون أمام الدكتور جلال عدة خيارات لمسح هذا الانطباع الباهت بتحسس أوراقه جيدا قبل أن يدلق عليها الحبر، ولا شك أن هذا اللقاء المشكوك في صحته من الجانب الآخر والمثبت بلسان أحد أطرافه سيترك أثره الكبير في واقع الممارسة السياسية بشكل عام خاصة في ما يتعلق بموضوعات صدقية اللقاءات بين الساسة وقادة الحركات المسلحة، ولمحو هذه الصورة ستكون الفرصة مواتية لحديث صريح يوضح الملابسات برمتها حتى لا يعلق في ذهن الرأي العام أن أي حديث سيقوله مساعد الرئيس الدقير سيكون مصيره النفي.

 

 

اليوم التالي