مزمل ابو القاسم

مزمل ابو القاسم : رادار عرمان


* لم يفوت ياسر عرمان، الواقعة التي تحدَّث فيها الرئيس البشير مع الأستاذ عبد الله مسار بصرامة، ليبرر بها أمين عام الحركة الشعبية موقفهم المقاطع للحوار.
* رفض عرمان أي حوارٍ يدار بطريقة (عبد الله)، وأورد العبارة التي قالها الرئيس بالنص، ليستدل بها على أن المؤتمر الوطني يحتكر الحوار، ويحدد أجندته، ويديره بالطريقة التي تناسبه، ويقمع مخالفيه في الرأي.
* نعتقد أن (رادار عرمان) كان مطالباً بالتقاط عبارات أهم وأقوى، صدرت عن الرئيس في ذات المناسبة، ورددها على الملأ، مثل عبارة (الراجل بربطوهو من لسانو.. ما من كراعو) في معرض إعلانه لقرارات مؤثرة، تتعلق بضمان حرية العمل السياسي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعزيز حرية الإعلام، والالتزام التام بتنفيذ كل مخرجات المؤتمر.
* العبارة الأخيرة كانت أولى باهتمام عرمان، لأنها حملت تعهداتٍ يمكن أن تنسف الحوار من أساسه، وتصيب مصداقية الحكومة في مقتل، لو أخلَّت بأي وعدٍ قطعته على نفسها بلسان رئيسها.
* الفترة المخصصة لمؤتمر الحوار تمتد ثلاثة أشهر، ونعتقد أنها كافية جداً لاختبار مدى جدية الحكومة في تطبيق ما تردده عن سعيها لإبرام حل سياسي مع معارضيها.
* ذلك الاختبار يمكن أن يتم عبر مراقبة المنهج الذي ستتعامل به الحكومة مع تلك التعهدات، ومتابعة التغيرات التي تحدثها المبادرة على المناخ السياسي، ونعتقد أنها أحدثت حراكاً إيجابياً، لا يمكن إنكاره.
* مغادرة (خندق) الرفض المطلق، والتفاعل مع المبادرات الإيجابية من أهم ركائز أي عمل سياسي ناضج.
* المقاطعون للحوار مطالبون بإظهار الحد الأدنى من الحرص على استثمار أي مبادرة تستهدف حل الأزمة بالطرق السلمية، حتى ولو ساورتهم الشكوك في جديتها، وأساءوا الظن بما تنتويه الحكومة منها.
* بمقدور الحركات المسلحة أن (تربط الحكومة من لسانها)، وترسل مراقبين لمتابعة مسار الحوار، للتأكد من جديته، والاستيثاق من مدى التزام الحكومة بالتعهدات التي ذكرها الرئيس، طالما أنها لا تثق في ما صدر عنه، وتشك في قدرته على الوفاء بوعوده.
* المبادرة المطروحة من قبل المؤتمر الوطني سترتد عليه لو أخلَّ بما بذله فيها من تعهدات وضمانات.
* أي اعتقالات سياسية، أو مصادرة للصحف، أو قيود تفرض على نشاط القوى السياسية، يمكن أن تتحول إلى أنشوطة نارية تخنق الحوار، وتجعل المشاركين فيه ينفضّون عن ساحته تماماً، وتكبِّد المؤتمر الوطني هزيمة نكراء (في عقر داره).
* إن الكيفية التي انطلق بها المؤتمر تمثل في الأساس (مأزقاً) حقيقياً للحكومة قبل المعارضة، لأن السلطة قبلت أن تضع مصداقيتها في أصعب محك.
* لكن ذلك المأزق سيتحول إلى ساحة الممانعين، لو استمرأوا رفض كل ما يصدر عن الحزب الحاكم (مهما كان إيجابياً)، واكتفوا بمطالبته بتفكيك مؤسساته، وإلغاء تشريعاته، وإفناء ذاته، قبل إبرام أي تسوية سياسية معه، وذلك ما لا يقبله عقل، ولا يقره أي منطق.