أبشر الماحي الصائم

من يجرؤ على الصمت


حسبما جاء في أخبار الأمس، فقد جدَّد حزبا المؤتمر الوطني السوداني والحزب الشيوعي الصيني، التوقيع على البروتوكول المشترك الذي يحكم العلاقات السياسية والاقتصادية بينهما، وهو الوثيقة التي تحدد أولويات مجال التعاون المشترك والقضايا ذات الصلة، ويتم تجديده بين الحزبين كل خمس سنوات.. هذا وقد وقعت عن المؤتمر الوطني الأستاذة أميرة الفاضل نائبة رئيس قطاع العلاقات الخارجية، وعن الحزب الشيوعي الصيني وزير الدولة للعلاقات الخارجية بالحزب، كما شهد التوقيع نائب رئيس المؤتمر الوطني المهندس إبراهيم محمود والقيادي بالحزب د. نافع علي نافع الأمين العام لمجلس الأحزاب الأفريقية و.. و..
* يتجدد هذا التقارب التاريخي بين الإسلاميين السودانيين والشيوعين الصينيين، بينما في المقابل تتصاعد وتتباعد الشقة وتتسع عاما بعد آخر، بين الشيوعيين والإسلاميين السودانيين، فعلى الأقل إن اليسار السوداني هو التيار ربما الوحيد حتى الآن الذي يتخلف عن مأدبة الحوار الوطني الذي تلتئم فعالياته بين الفرقاء السودانيين هذه الأيام بالخرطوم، فبينما تنادى الكثيرون إلى هذه النسخة الجادة من الحوار، ففي المقابل تسجل واجهات الشيوعيين المدنية منها والتحررية الثورية والعسكرية.. تسجل غياباً كبيراً في دفتر الحضور الوطني الجهير !!
* ولمزيد من الغرابة في جدليات التلاقي الشيوعي الإسلامي بين السودان والصين، لم تسجل ذاكرة الأحداث والوقائع ثمة أي نوع من التواصل بين الشيوعيين السودانيين والصينيين، فعلى الأقل إن الجبهة الثورية بحركاتها التحررية قد شدت الرحال في أوقات مختلفة إلى كل المشارب والمغارب، بحثا عن النصرة والسند والتمويل والتشوين، غير أنها فيما يبدو لم تجد لها موطئ قدم في ديار الرفاق الصينيين، بحيث حسم الماراثون الصيني دائما لصالح الإسلاميين إن لم يكن أصبح حكرا لهم !!
* ربما لم يكتب للإسلاميين السودانيين الجلوس لربع قرن من الإنقاذ على منصات الحكم، لولا إرادة الله، ثم السند الصيني المستمر ويذكر في هذا السياق عمليات استخراج النفط وتشييد بنياته، فضلا عن السند الدولي الذي وفرت الصين للسودان كدولة لها (حق النقض الفيتو) مع الكبار.
* أتصور أننا بحاجة ماسة في السودان لجمع النقيضين (الإسلاميون والشيوعيون) على مائدة حوار واحدة ولو تحت رعاية صينية!! فيجب التواضع إلى أن الحزب الشيوعي السوداني برغم تراجعه وضموره في أوساط أجيال الداخل، بالتزامن مع نضوب عقيدته وفكرته في الخارج، إلا أنه لا يزال مؤثرا في مجريات الأحداث، فعلى الأقل إن قطاع الشمال وحركات تحرير السودان في دارفور وبعض قوى الداخل، لا تزال رهينة لموقف الحزب الشيوعي الأصل !!