مقالات متنوعة

محمد عبد القادر : السرطانات… بعد خراب مالطا!!


بالأمس تابعت تدشين أعمال ورشة الخرطوم العالمية لعلاج الأورام، أرقام مخيفة بالطبع لإصابة السودانيين بأمراض السرطان، نعم هنالك غياب لاحصائيات دقيقة لكن مامون حميدة وزير الصحة فى الخرطوم يتحدث عن اكتشاف 11 ألف حالة إصابة فى الخرطوم ومدني خلال عام.
مامون ينبه الى ان التقديرات تمضي الى أكثر من ذلك وقد تصل الى 30 ألف حالة فى العام تأسيساً على قياس يحدّد وجود إصابة بين كل ألف مواطن، ويتساءل الوزير ونحن كذلك عن العدد المتبقي أين يذهب؟ ويجيب انه ما بين العلاج الطبيعي او التقليدي.
الورشة التى يشرف عليها مركز الخرطوم التخصصي للأورام تبحث فى أمر يشكل هاجساً للسودانيين فى أعقاب تزايد حالات الإصابة بالسرطان، هنالك تمدّدٌ لهذا المرض فى أوساط المواطنين على نحو مخيف، لا أعتقد أن هناك بيتاً سودانياً لم يفجعه السرطان فى عزيز، او يضعه على حافة المأساة بسبب تطاوُل المرض فى جسد أكله المرض وامتصّ نضاره وعافيته ووضعه على حافة القبر.
قبل عدة أيام كان هنالك حديث عن ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان وارتفاع فاتورة العلاج كذلك حتى أن عقاراً واحداً تصل قيمته الى ألف جنيه عدّاً نقداً.
برأيي أن الورشة التى تستضيف مختصين من الأردن والسويد ومصر وهولندا تنعقد فى توقيت بالغ الأهمية بالنظر الى معاناة الشعب السوداني من استشراء وتفشي داء السرطان.
ملاحظتي الأساسية أن الخطاب الإعلامي المُوَجّه عن السرطان يُفاقم من حالة الخوف التى تجعل المواطنين يُحْجمون عن الفحص المبكر، للأسف الإصابة بالسرطان عندنا تعني الموت وانتظار الأجل ليست هنالك رسائل تزيل الصورة الذهنية المرسومة عن ارتباط المرض فى اي من مراحله بنهاية الحياة، المرضى يهربون الى الطب البديل كذلك لضعف ثقتهم فى تدابير الطب السوداني فى التعامل مع السرطانات، ليس هنالك إحساس بانه مرض قابل للشفاء.
الدكتور مامون حميدة يُهَوّن من ارتباط المرض بالموت اذا تمّ اكتشافه مبكراً ولكن للأسف ليست هنالك ثمة قناعة بهذا الأمر ولامجرد احساس بأن السرطان يمكن ان يتم علاجه داخل السودان، كما أن كلفة علاج المرض عالية على الرغم من حديث الوزير عن جهود الدولة فى منح العلاج الكيميائي والإشعاعي مجاناً.
الأمر المهم هو التوعية بطرق تجنُّب المرض، وكيفية التعامل مع مسبباته وهذا فرض غائب فى معالجات التعامل مع الأورام والسرطانات، بارعون نحن فى الحديث عن اتساع دائرة المرض ومخاطره ولكنا مُقِلّون فى توعية الناس بمسببات المرض ننتظر العلاج بعد ان يقع (الفاس فى الراس ) وبعد خراب مالطا.
الى جانب توعية الناس فإني أرى ان المؤسسات البحثية والصحية فى السودان مازالت عاجزة عن توضيح الأسباب الحقيقية لاستشراء المرض بهذه الكثافة.
ننتظر من الورشة ان تبحث فى محاور ذات صلة بمسألة الوقاية من المرض قبل الدخول فى مراحل علاجه ونترجّاها أن تحدّد لنا على وجه الدقة أسباب انتشار المرض الى هذا الحد وان تبحث فى تدابير لتمكين المرضى من شراء العلاج وإعادة ثقتهم فى المؤسسات الصحية التى تضطلع بأمر السرطانات داخل السودان.