جمال علي حسن

إجابات متضاربة في حوار وزير الاستثمار


في الحوار الذي أجراه الزميل مالك طه مع السيد وزير الاستثمار مدثر عبد الغني بالزميلة (الرأي العام) بدا الوزير متحمساً لإنجاز نجاحات في زمان اقتصاديٍ سوداني لا يبعث بأحاسيس الأمل الذي يولد الحماس عند المسؤولين عن الملفات الاقتصادية والاستثمارية .
هذه الروح الاستثنائية التي ظهرت في عناوين الحوار الصحفي جذبتني كثيراً لمتابعة قراءته حتى النهاية لأتعرف على بواعث حماس مدثر عبد الغني و(تشميره) للإنجاز حيث تظهر في صورة الحوار على موقع الصحيفة الأنيق بدلة وزير الاستثمار موضوعة ولا أقول معلقة على شماعة في ركن المكتب ما يوحي بأن الرجل غارق بين الأوراق والطلبات والمشروعات الاستثمارية ..
وبالفعل تحدث مدثر عن خطط وزارة الاستثمار وعزمها وقدرتها على تنفيذ مبادرة رئيس الجمهورية لتحقيق الأمن الغذائي العربي وجذب رؤوس الأموال العربية الكبرى .
وتحدث عن تفاؤله بمناخ الاستثمار حالياً والذي وصفه بأنه مناخ إيجابي ومعافى، وتفاعل الزميل مالك طه مع حالة الحماس الكبير عند مدثر فأبرز عناوين براقة لحواره من شاكلة قول مدثر (أغلقنا المنافذ التي يأتي منها الفساد والبروقراطية)..
حوار المعنويات العالية مضى على إيقاعه حتى وصل نقطة اختبار لرؤية الرجل وعمق تفكيره وهي نقطة لا يصلح فيها الهتاف ولا تصلح فيها أنصاف الإجابات ولا تسعف مدثر فيها أية عبارات تخارجية.
سؤال ممتاز ومباشر لوزير الإستثمار من مالك طه: (عندما تتحدث عن جذب الاستثمارات العربية إلى السودان، يتساءل الكثيرون عن جدوى مثل هذا الحديث في الوقت الذي يهرب فيه رجال الأعمال السودانيون بأموالهم إلى الدول المجاورة؟).
ولم أكن أرغب في مطالعة الإجابة حتى لا أفقد كل تلك الشحنة الضخمة من المعنويات التي شحننا بها مدثر عبد الغني فالسؤال إجابته الصحيحة قد تنسف كل الذي جاء قبلها من إجابات فرايحية وتسحب كل طاقة التفاؤل، لكن وزيرنا لم يتجرأ على مواجهة الواقع فقدم إجابة حائرة عائمة وغير منطقية وهو يقول إن خروج رؤوس الأموال الوطنية إلى خارج السودان، لا يعتبر هروبا لهذه الرساميل، وإن رأس المال في كل الدنيا يبحث عن الربح المميز وليس في هذا هروب ..!!
الإجابة في حد ذاتها تحمل مغالطة كبيرة مع فكرة الترويج وجذب المستثمرين.. أنت تقول إن المستثمر ابن البلد يبحث عن الربح المميز خارج السودان فكيف تقنع المستثمر الخارجي بأن يبحث عن ربح مميز داخل السودان وأن يأتي بأمواله إلى السودان؟ .
لا توجد إجابة إيجابية عن هذا السؤال يا سعادة الوزير حالياً لكنه في نفس الوقت لا يعني أن الاستثمار فاشل في السودان، لكن الواقع أن الحكومة ووزارة الاستثمار مطلوب منها أن تضع برنامجاً أكثر أولوية تسميه برنامج جذب الاستثمارات الوطنية والمستثمرين الوطنيين الذين تركتهم وزارة مدثر حيث تركت بدلته معلقة في شماعة سوداء في ركن مكتبه وهمت بجذب المستثمر الخارجي ..
تسرب رؤوس الأموال السودانية لا يحفز المستثمرين الخارجيين للاستثمار في السودان، ولو كان هناك سوء فهم أو مخاوف شاذة عند المستثمرين الوطنيين تجعلهم يهربون بأموالهم من أرض البلاد فإن دور مدثر هو إيجاد قدوة استثمارية من خلال جذب هؤلاء للاستثمار في السودان قبل الآخرين مع توفير حماية لهم ولاستثماراتهم وتوفير ميزات تحفيزية تجعلهم يقبلون ولا يدبرون.

شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.