هيثم كابو

على حافة “الحاوية” من جديد


* عندما تضغط على الأزرار للكتابة عن (موضوع جديد) يعتبر حدث الساعة وحديث الناس وتجد نفسك قد تطرقت إليه قبل فترة قصيرة لا تملك سوى أن تشعر بعدم جدوى الكتابة فتتجاوزه لآخر أو تجتر ما كتبته سابقاً حتى يأتي يوم تتحول فيه مقالات معظم الصحافيين (الجديدة) إلى إعادة نشر من (الأرشيف) طالما أن لا أحد يريد أن يمنح أذنه لحرف أو صوت حتى ولو جفت المحابر وتبكمت الحناجر وسكتت المنابر ..!
* وصلت (بحمد الله تعالى) لميناء بورتسودان حاوية من (العيار “الدماغي” الثقيل) تحوي بداخلها 645 كيلو جراماً من (الحشيش السيوبر كامل التقطير و”التزييت” والتركيز) تفوق قيمتها 20 مليار جنيه سوداني، وللأسف ظلت الحاوية بالميناء لمدة شهر كامل دون أن يتم فحصها جمركياً لأن أحدا لم يقترب منها رغم أن الحاوية وصلت عبر خط نقل يتبع لشركة معلومة ولديها وكيل في السودان ..!
* لن نسبق الحوادث فالأمر أمام الأجهزة العدلية ولكننا فقط نعيدكم لقراءة مقال كتبناه قبل أسبوعين فقط عبر هذه المساحة بعنوان (على حافة “الحاوية”)، ومن بعد ذلك (كلكم نظر والحصل حصل) ..!
……
* إذا أردت في بلادنا الحصول على أي (معلومة)؛ فلن تتمكن من الوصول إلى حقيقة لأن كل ما تبحث عنه موجود عند جهة (مجهولة) .!
* في زمن رقمنة المعاملات وحوسبة كل التفاصيل لا تزال عبارة (جهة مجهولة) تتصدر الأخبار ..!
* ها هي لجنة الصحة بالبرلمان تكشف عن وجود «21» حاوية إلكترونية مسرطنة بميناء بورتسودان تتبع لـ(جهات مجهولة) ظلت قابعة بالميناء لفترات طويلة؛ والمؤسف حقاً أن المسؤولين بسبب عملهم التقليدي وعدم ضبطهم لحركة التفريغ هناك لا يعرفون لمن تتبع تلك الحاويات الآن، وكل ما يملكونه من معلومات (الشكية) بعبارات من شاكلة (باقية لينا مغصة) و(ميتة وخراب ديار)؛ وغيرها من عبارات العجز والضعف التي رددها الأخ محمد سليمان مسؤول الإعلام بهيئة الموانئ عند زيارة لجنة النقل بالبرلمان للميناء ..!
* لا يختلف عاقلان على خطورة هذه الحاويات التي تحتوي مواد مشعة ومسرطنة؛ ولكن المهم حقاً كيف تصل حاويات ويتم تفريغها وتظل متحكرة بالميناء وتحتل مساحة مقدرة وتتعدى فترة السماح القانونية وتمضي السنوات ليتحول وجودها لخطر حقيقي على السكان؛ وإدارة الميناء لا تعرف أصحابها حتى تتم محاسبتهم ويتحملوا تكاليف إبادتها لتطل عبارة (جهات مجهولة) بعنقها من جديد ..!
* ليس مهماً عندي أن قانون الميناء يمنع التصرف في تلك الحاويات بالبيع بعد انقضاء فترتها وتسميتها «مهملة»؛ ولكن المهم حقاً أن تكون لسلطات الميناء المعلومات الأولية التي يأتي على صدر قائمتها لمن تتبع والأوراق الخاصة بها؛ فقد أصبحت عملية التخلص من تلك الحاويات الآن تكلف أكثر من قيمتها، وكل ما يستطيع أهل الموانئ قوله: (نسوي شنو يا جماعة ما بنقدر نهبشا) ..!
* يذكر الجميع أنه قبل عام تقريباً ضبطت السلطات ببورتسودان (5) حاويات معباة أعلافا بها أكثر من (13) مليون قرص مخدر تفوق قيمتها (338) مليون جنيه من مادة (الكبتاجون) المعروفة في أوساط المتعاطين والمروجين والمراقبين والمهربين باسم (أبو هلالين) التي يبلغ سعر الحبة الواحدة منها (25) جنيهاً؛ وتمت تبرئة المتهمين من (مخلص ومن قام بتحويل مبلغ التخليص وأصحاب الرخصة وشركة الشحن) لأن (فوضى المعاملات) جعلت السوري (رأس الأفعى) يبعث ببضاعته من الخارج والكل يعمل على خدمته هنا وهو يتابع بالهاتف من تركيا؛ وإن كانت المخدرات التي ضبطت داخل جوالات الذرة الشامية وقتها حملت ديباجة كتب عليها (ذرة علفية إنتاج لبنان الوزن 80 كلغ تاريخ الانتهاء 2015)، فإن السؤال المهم كم من الكميات من تلك (الذرة الشامية الخاصة بضبط الدماغ) تم تخليصها وغزت الأسواق ..!
* الرجاء ضبط الميناء وحركة الحاويات وإعادة صياغة اللوائح فيكفي ما بالبلاد من أمراض لا تنقصها السرطنة؛ وتباً أيضاً لمن يسعى لكنز الأموال على حساب (مستقبل شباب) تاه ما بين البطالة والتزاحم على أبواب السفارات، فبدأ ضعاف النفوس في البحث عن مغيبات العقول ومخدرات النفوس تحت دعوى (ضبط المزاج وتهدئة الأعصاب) فخرج مستقبل أمتنا في (رحلة ذهاب بلا إياب) !
نفس أخير
* (حاويات) بورتسودان وسرطنة بالمجان !