أم وضاح

ما بصدقكم!!


بلا مقدمات أصبح (أبو القنفد) نجماً على الساحة يتسابق إليه الباحثون عن الثراء بعد أن شاع في القرى والحضر خبر أن ثمن (أبو القنفد) الواحد وصل لحدي مليار جنيه، وتداول الناس المعلومة دون أن يتحققوا منها أو يستبينوا ويعقلوا تفاصيلها، وصدقوا كل المبررات الواهية وغير المنطقية لجعل (أبو القنفد) الشين نجماً للموسم.. وقبلها راجت شائعة (المكوة أم ديك)، التي قيل إن بها “مغنطيس” لكشف الذهب والمعادن النفيسة، وبرضو صدق الناس الحكاية وكثيرون دخلوا مخازن و(تكلة) -جمع تكل- حبوباتهم لعلهم يجدون المكواة الكنز لتحقق لهم حلم الثروة السريعة.. ولعل ظاهرة تصديق الشائعات بهذه البساطة أمر يدعو للتوقف عنده وتحليله، لأن البني آدم السوداني عرف على طول تاريخه بأنه شخص لماح ويفهمها و”هي طايرة”، بدليل أننا وبالمقارنة مع شعوب كثيرة تدعي الفهلوة والحنك، فنحن والحمد لله العامة عندنا وحتى من لم ينالوا قسطاً من التعليم الأكاديمي هم على قدر واسع من الثقافة والمعلومات، وتجدهم في مجالسهم يتناقشون وبوعي في كل شيء بدءاً من الرياضة مروراً بالسياسة وحتى الفتاوى الدينية لا تخلو من اجتهادات.. ولعل البني آدم السوداني هو الوحيد الذي ينفرد بأنه يستطيع أن يتأقلم وبسرعة شديدة مع أي مجتمع أو ظروف يوجد فيها.. ولعلنا أيضاً أكثر الشعوب فهماً للهجات الآخرين ونعلم مصطلحاتها إن كانت خليجية أو شامية أو حتى مغاربية، في حين أن الآخرين غالباً ما يفترضون أننا نتحدث لغة غير مفهومة لعطب في آذانهم وليس في ألسنتنا بأي حال من الأحوال! طيب إذا كان هذا هو الملمح العريض للسوداني، فما الذي يجعله فريسة لشائعات مضحكة وسخيفة تجعله يصدق أن (أبو القنفد) يشفي من السرطان وأن المكواة تكشف عن مناجم الذهب؟ هل للعطالة دور في ذلك؟ هل حلم الثراء السريع في ظل أزمة اقتصادية يجعلنا نصدق مثل هذه الخزعبلات؟ هل هناك من يتعمد أن يطلق مثل هذه الشائعات ليلفت الانتباه إلى قضايا تافهة، والبلد مليئة بالقضايا التي تحتاج للفهم والاستيعاب!!
في كل الأحوال إن وصلنا إلى مرحلة أن نصدق أن (أبو القنفد) يشفي السرطان وأن (عَضَّة) من أسنانه تشفي الأمراض المستعصية، ومكواة يعلوها ديك تفوقت على أجهزة الرصد والأقمار الاصطناعية لاكتشاف الذهب، إن وصلنا إلى هذه المرحلة فلا تلوموا من يريدنا ألا نصدق أن هناك فساداً رغم الدلائل والشواهد وبيان المراجع العام! ولا تلوموا من يريدنا أن نصدق أنه شغال لتجدد فيه الثقة ويتحول من منصب لمنصب رغم أنف إخفاقاته المتكررة وفشله الذريع في كل موقع يديره.. ولا تلوموا من يريدنا أن نصدق أن إسرائيل بموسادها ومخابراتها وجواسيسها أرسلت (طيرة) لتتجسس علينا!!
{ كلمة عزيزة
والله فضيحة وعيب كبير أن يكشف المراجع العام أن هناك تجاوزات مالية في مؤسسة ينظر إليها الناس بشيء من المهابة والقدسية كإدارة الحج والعمرة، وهو ما يؤكد أن الفساد فعلاً وصل الركب، وما عادت للمال العام حرمته حتى في المؤسسات ذات الصبغة الدينية في حكومة شعارها (هي لله)، ولو أنها كانت (هي لله) فعلاً وليس قولاً، لما ظل شخص واحد في منصبه حتى لو كانت فقط تحوم حوله الشبهات ناهيك عن تقارير يبصم عليها المراجع العام الذي بيده وحده القول الفصل.. ولو كانت (هي لله) لما كان لو سرق القوي تركناه وسرق الضعيف أقمنا عليه الحد… وشطة كمان!!
{ كلمة أعز
استمعت لحديث الأخ “عابد سيد أحمد” المسجل الذي قيل إن منسوبي قناته في طريقهم لرفع قضية ضده.. لا أدري ما الجريمة في حديث الرجل الذي يتحدث عن واقع حقيقي في قناة الخرطوم!! فقط نسي “عابد” أن يعترف أنه شريك حقيقي في هذا الواقع.. ولي عودة!!