رأي ومقالات

حسام الدين: تذوقت لحم أبو القنفذ، طاعم مثل الغزلان، لحمه ابيض يسر الناظرين


تذوقت لحم أبو القنفذ قبل سنوات عشر في ضهاري النيل الأزرق، وانه لطاعم ان لما تأباه نفسك له طعم لا يفرق كثيرا من مزع لحم الريم والغزلان،كانت المائدة تجمعني وعدد من أبناء منطقة اشتهرت بصيد ابى القنفذ وشيه بعد وضعه في ماء مغلي لزوم خروج الجلد التخين أبو شوك الذى يختبئ تحته لحم أبيض يسر الناظرين والمصارين الا لمن أبى،

اما طريقة صيده فتتم بعد مطاردة له تنتهي بوكزة عصا في رأسه الصغير ويارك لفترة ريثما (يدوخ) ومن ثم الاتجاه لوضعه بعد جز الرأس في ماء مغلي يكون معدا مسبقا،قبل القنفذ زارت معدتي لحم الجراد والتماسيح من باب التجربة وليس الحاجة،ولم أكن أتوقع ان ابو القنفذ الذى لا يعرف قدر قيمته الغذائية الا قليلين سيكون من الأهمية بمكان ويصبح نجم الاسبوع الاعلامي والاسفيري بعد (ِ شائعة) سرت بان زيته يقاوم الامراض المستعصية ووبره وشوكه يقي من (البورة) فاخذت النسوة يلجن في خضم الشائعة و البحث عن جلد ابوقنفذ للفرار بجلدهن من (العنوسة)!

ابو القنفذ ساكن الجحور قليل الظهور اصبح في رمشة عين نجما في الصحائف والأسافير ،و جعلت الشائعات من سعره يصل الى 600 ألف من الجنيهات وحددن اماكن معينة لبيعه،ذهبت الى تلك الاماكن ظهر أمس فلم أر أثرا لابى قنفذ او بائع ومشتر له،قاتل الله الشائعات الرخيصة التى تنم عن تقهقر في عقلانية الاشياء وتناول الوقائع، انه لإلهاء عن قضايا حقيقية ان كانت عن واقع معيشي صعب جعل من المواطن يبحث عن الثراء اما من باب (المكوي أبو ديك) أو (زيت ابو القنفذ) و (اباره)،قالوا ان المكوي ابو ديك به مادة تساعد في الكشف عن الذهب ، وذهب العشرات الى قراهم يفتشون عنه في البيوت القديمة والمخازن و (الأوض) التى هجروها ولم يعثروا على شئ ولو انهم بقوا من حيث أتوا زرعوا الارض وعمروها لانفكوا من شائعات المدن الرخيصة التى تدعو للثراء والشفاء وفك البورة عبر مكوي ابو ديك او زيت ابو قنفذ،ولعمري شهدت قبض ابو قنفذ وسلخه وشواءه ثم بلعته في تجاويف بطني ولم أر قطرة زيت واحدة تتدفق منه !

مشاكل المجتمع من فقر ومسغبة وسوء وضع معيشي واجتماعي (من شاكلة العنوسة والبورة) أرجو ان لا نحملها جلد ابو القنفذ المسكين والعمل على وأد حياته بالصيد الجائر من باب الشائعات فهو له مهمته ومهنته في الأرض يقي الزرع بعضا من شرور الزواحف وخلقه الله لحكمة يعلمها كبقية خلقه دعوه يعيش في جحوره و أرجو ان تكتف منابر الأستنارة من صحف واعلام اسفيري من زج (ٍسخف) يقلل من تعقل المجتمع وتدبره وتفكره ، فان اخذنا نشتغل بالمكوي ابو ديك و(على كبك) وزيت ابو القنفذ الذى يعالج مستعصي الداء ويفك البورة فاننا بصراحة تكون قد (عدمنا الموضوع) وعلينا ان نجهز عكازنا المضبب و (جردل زنكي) للبحث عن ابو القنفذ!

بقلم: حسام الدين ميرغني
الرأي العام