رأي ومقالات

أخيراً اقتنع بنك السودان بأن يسمح بالاستيراد بدون تحويل قيمة أي (النل فاليو)


أخيراً اقتنع بنك السودان بأن يسمح بالاستيراد بدون تحويل قيمة أي (النل فاليو) nil value
أو كما كان يقول التجار الذين يجهلون الإنجليزية (نل فاليوم) في عهد سابق عندما تقررت هذه السياسة لأول مرة في سبعينات القرن الماضي وهي تعني أن يقوم المستورد بشراء السلعة في خارج السودان من مصدرها أو من دول الخليج وغيرها حيث يقوم بشراء العملة من المغتربين ويسدد لهم في السودان بسعر الدولار في السوق الموازي أو الحر أو ما يطلق عليه البعض خطأ ” السوق السوداء” كما يقال في المنظومة الاشتراكية سابقاً والتي كرست بسياساتها الخاطئة هذا المفهوم!! كان الفرق بين السعر الرسمي والموازي الحر لا يتعدى بضعة قروش في الدولار الواحد.. كان الجميع سعداء بذلك فاستفاد المغتربون واستفاد رجال الأعمال كما استفادت الحكومة واستفاد سوق العمل بأن تخلصت الحكومة من عبء توفير العملات الحرة.. ورغم ذلك لم يتعدَّ سعر الدولار فىي العام 1989 أربعة عشر جنيهاً وعندما قلنا في المؤتمر الاقتصادي الأول عام 1990 أتركوا النشاط الاقتصادي حراً وسعر العملة حرة قال أحدهم قولته المشهورة لو فعلنا ذلك لصار الدولار عشرين جنيها!!؟ ثم أدت السياسات الاحترازية التعسفية في إدارة الاقتصاد من إعدامات في حيازة العملة وسياسة تغيير العملة في إطار تدهور الإنتاج والصرف الهائل على الحروب وعلى حكومات مترهلة مركزية وولائية والصرف السياسي والإداري البذخي مصحوباً بفساد مالي واسع وعدم الاستفادة من عائدات البترول وأخيراً الأزمة المالية والحصار الاقتصادي إلى تدهور مريع في سعر العملة وصل سعر الدولار إلى ما يقرب من أحد عشر ألف جنيه وأصبح الاحتفاظ بالعملات الحرة في الخارج للمغتربين ورجال الأعمال الأفراد هو الواقع وصل إلى خمسين مليار دولار استفادت منها بلاد وبنوك أخرى غير بلادنا المسكينة، والله يستر إذا لم يتحقق الاستقرار وينجح الحوار ويتحقق السلام وتتوقف الحرب ويتم التوافق الوطني وقيام حكومة تراضٍ وطني وبرنامج سياسي واقتصادي حكيم ونستفيد من مواردنا وثرواتنا الهائلة والميزة التفضيلية للسودان في هذه المنطقة من العالم استفادة حقيقية.. إذا لم يحدث كل ذلك فلن يندهش أحد إذا وصل الدولار إلى عشرين ألف جنيه وليس عشرين جنيه فقط.. قد يدعى البعض أن عودة العلاقة مع الشقيقة المملكة العربية السعودية وبعض انفراج في علاقاتنا الخارجية والحوار مع أمريكا قد يعبر باقتصادنا إلى بر الأمان ولكن هذه مجرد أماني وأحلام يقظة قد يحدث بعض انفراج ولكنه مؤقت وليس كافياً، والأسوأ قد يظن بعض الذين لا يريدون لهذا الحوار أن ينجح ممن نطلق عليهم مراكز القوى والمستفيدين من هذا الوضع سياسياً واقتصادياً حتى لو تضرر الشعب السوداني الذي لا يهمهم أمره ولا يعنيهم كثيراً طالما هم مستفيدون وجالسون فوق رقابه ويحاولون عرقلة الحوار.. قد يدعى هؤلاء قصيري النظر أن الأحوال ستتحسن ولا داعي للحوار وإشراك الآخرين، إذا حدث ذلك فلن يندهش أحد إذا ساءت الأحوال أكثر وحدث الاحتقان السياسي، وليعلم هؤلاء الذين عرفت أنهم يتحركون عبثاً حتى مستويات سياسية عليا لإجهاض الحوار أنهم يرتكبون خيانة عظمى في حق هذا الشعب وفي حق دينهم ووطنهم وتنظيمهم لأنهم ببساطة سيكرسون أزمة الثقة التي بدأت تعود تدريجياً بين المتحاورين في الداخل ويتهيأ من بالخارج من المعارضين الالتحاق بالحوار، هذا الحوار الذي بدأ قطاره يسير حتى ولو ببطء ولكنه سائر بعون الله إلى غاياته ثم بحكمة القيادة السياسية الواعية في البلاد التي إذا أفلحت أفلح السودانيون وكتبت أسماؤهم في سجل التاريخ السوداني بأحرف من نور لا كمثل تلك البطانة السوء التي دفعت الرئيس الأسبق نميري الى الانتكاس عن الحوار عام 1982 فحدث ما حدث بعد ذلك من عودة الاحتقان واستمرار أزمة الثقة فما هي إلا بضعة أعوام حتى سقط نظامه رغم علاقاته مع الغرب ودول الخليج بعد أن يئس السودانيون من تلاعبه بالزمن ولو استمع النميري للناصحين حينها خاصة من قيادة الجيش لما حدثت الانتفاضة ولما دخلنا من جديد في النفق المظلم والدورة السياسية الخبيثة.. فيا هداكم الله استهدوا بالله تفلحوا…
الجريدة
______
قولوا حسنا – محجوب عروة
النل فاليوم يعود!!