صلاح احمد عبد الله

تعالوا نقعد.. في البيت!؟!


* هي ليست دعوة للعصيان المدني.. ولكنها دعوة توفير للقليل من المال.. باقي مرتب.. أو حربشات معاش.. أو أي دعم خارجي من الأولاد والأقارب والأصدقاء الذين صاروا يملأون أقطار الأرض..!!
* يعني شنو.. تقوم من الصباح تشرب شاي مسيخ أحياناً.. وترمي لأم العيال بضعة جنيهات لتتدبر أمرها في الغداء.. وتوزع القليل للأولاد ما بين المدارس والجامعات.. أما العشاء.. الله كريم.. في موقف المواصلات المزدحم الكمساري يؤشر حسب مزاج وتعليمات السائق.. والأجرة دبل.. وعند العودة تزيد.. وفي المساء.. خلوها على الله.. والغريبة أن رجال المرور يعلمون ذلك.. (بعضهم) تشعر أن له علاقات (ودية) مع بعض السائقين.. من إشارات التحايا والابتسامات وعدم التدخل.. إلا عند الشديد القوي.. وما أكثر الشدة والقوة..!؟!
* في مكان العمل تجد أنك كماً مهملاً.. يتربصون بك بعد أن تخطاك سيف الصالح العام.. (ومكنوا) يفعاً في مفاصل الدولة.. بعضهم يتربص بك لأي سبب ليحضر أحد المتمكنين.. حتى أولادك يزحفون نحو التخرج ببطء.. ولكن ليجلسوا جوار سور المنزل.. أو برندة الدكان.. والشاطر من يجد أي أعمال هامشية بعيداً عن أعين المحلية.. وجُباتها..!!
* علاقاتك الاجتماعية صارت محدودة.. أطول وقت تقضيه.. بالمنزل.. تقلب في القنوات الفضائية.. وكل مرة تنظر إلى الجمرة الخبيثة.. وتحمد الله إذا الكهرباء (قطعت).. ولا يهم إذا (الماء) قطع.. لأن الحمام نفسه.. لأسباب فنية..!؟!
* الغلاء يطحن الناس.. والأسعار في تصاعد.. وأنت داخل سور منزلك مستور تكتفي بالقليل.. وتدبر أمورك بفضل رب كريم.. الحكومة منذ سنوات في شغل عنك.. وأنت آخر اهتماماتها.. بدليل أنهم داخل أبراجهم وأسوارهم العالية.. ومن خلف سياراتهم المظللة لا يرون إلا أنفسهم.. وأحياناً يرونها خارج البلاد.. بصورة أوضح وأجمل في نظرهم..!!
* إذاً يا مواطن.. لو جلست في المنزل مع أفراد الأسرة الكريمة.. صدقني ستتعرف عليهم من جديد.. وتوفر القليل من المال بدلاً عن الحوامة في الفارغة والمقدودة.. وإذا لم تكن (صالح عام).. خليهم يخصموا أيام الغياب.. وتكون وفرتها في المنزل.. وربك كفيل بالتدبير.. وهي فرصة لعمل كمين (محكم) أثناء المكوث بالمنزل لمن أراد أن يأتي ويطالب بحق النفايات.. أو حتى العوائد.. أولاً لأن النفايات أصبحت ذات منظر طبيعي في الشوارع وأمام المنازل حتى أن البعض صار يستلطف رائحتها بعد إدمانها.. ولأن العوائد من المفترض أن تعود اليك في شكل خدمات.. تجد على الأقل الشارع نظيفاً.. وليس عبارة عن بركة مياه.. خاصة أيام الخريف.. بجانب أن تجد أنت وأسرتك علاجاً وتعليماً.. واحتراماً لك كبني آدم..!؟!
* إذاً من الأفضل لك.. يا عزيزي المواطن أن تجلس في البيت لبضعة أيام.. وأن تفتح دكادين الأحياء فقط لسد احتياجات الناس.. ويمكن (للجرورة) منها.. أن تقضي للضرورة.. وتتحسن الصحة قليلاً من الضغط والسكري.. وحبس البول.. والزغللة في العيون من التلوث البصري.. الذي تسببه أرتال النفايات في الطرقات.. ومن الممكن أن تنتقل هذه التجربة إلى الولايات الأخرى وعواصمها.. تعميماً للفائدة.. وإذا شعرت (الحكومة) بالاشتياق لشعبها.. عليها أن تبدأ بالتحانيس معه.. وفتح أبواب (الحوار) له فقط.. والعمل على حل كل مشاكله الحياتية.. ومساواته ولو قليلاً بأهل شارع المطار.. لأن البلد بلده.. وهو سيدها.. ولم يطلب من أحد أن يأتي لإنقاذه.. رغم أن الذين أتوا أنقذوا أنفسهم من الفقر فقط.. والمؤسف أن ذلك تم باسم الدين..!؟!
* ويقول النائب الأول للرئيس.. سابقاً السيد علي عثمان بعد فترة صمت طويلة جداً.. ويبدو أن قوله هذا (تمرين إحماء).. يقول.. لا يقول بفشلنا إلا من أراد خروج الإسلام من الحياة العامة.. الإسلام يا سيادتكم لا يعرف الفشل لأنه نظام إلهي.. أما أنتم فقد صرتم الفشل نفسه.. ويطول حديث الفشل لأكثر من ربع قرن.. ولا علاقة لما يحدث الآن وقبل فترة من فساد بتعاليم الإسلام.. أنتم فقط من أخرجه من الحياة العامة وهل عندما أتيتم في صبيحة (الجمعة) الحزينة.. وجدتم كفاراً وأصناماً بالمدينة..؟!
* اليوم.. الأصنام السياسية هي التي تتحكم في مفاصل الدولة دون أن يردعها أحد..!؟!
* ويساعدها الكثير من أحزاب الكهنوت.. والفتات..!!
* وحتى تنتهي كل المسرحية.. بما فيها ملهاة اسمها (الحوار).. تعالوا نقعد في البيت..!!
* حتى نرتاح قليلاً.. لعلهم يختشوا (ويمشوا).. بعد إدمان الفشل..!؟!
الجريدة