مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : جوبا تأمين يهودي واسترجاع استوائي


> ترحيب الباريا أهل جوبا الأصليين والقبيلة الاستوائية بترحيل العاصمة من حاضرتهم التي ظلت عاصمة إقليمية عشرات السنين وعاصمة للدولة الجديدة فترة أربع سنوات هذا الترحيب كأنه يستدعي في أذهانهم فكرة تقسيم الجنوب التي اتخذتها جماعة قرنق ومن ورائهم إسرائيل ذريعة لاستئناف التمرد .
> هذه المرة جاء إخلاء الإقليم الاستوائي من نفوذ الدينكا من جانب ابنهم رئيس الحكومة سلفا كير.
> وهذه المرة أراد الدينكا بأنفسهم الاحتماء مستقبلاً بإقليمهم، فالعاصمة الجديدة للجنوب في منطقة رامشيل تقع في إقليم بحر الغزال وبالتحديد في ولاية البحيرات الواقعة وسط البلاد.
> لكن هل مشروع العاصمة الجديدة أعطي أولوية في خضم هذه الظروف الأمنية القاسية لارتباطه بها؟.
لو كانت جوبا في إقليم النوير إقليم أعالي النيل، لقلنا إن احتمال السبب الأمني لحكومة سلفا كير وارد. وحتى جيمس واني إيقا ابن الإقليم الذي يحتضن جوبا، قد أصبح نائباً للرئيس خلفاً لمشار وهذا كان يمكن أن يجعل الاستوائيون ينظرون الى وضع الحكم بأنه يشملهم بعمق وقوة.
لكن طبعاً اتجاه التطورات هناك يسير فيه الآن قطبا القبيلتين النافذتين بالحكم والقوة العسكرية سلفا كير ومشار.
> واستمرار العاصمة وسط إقليم الباريا، ونظراً الى عدد سكان ولاية غرب الاستوائية الذي يفوق المليون وسبعمائة ألف نسمة، يمكن أن يبرز معه مستقبلاً قطب قبلي جديد لو لم يكن إيقا، يمكن أن يكون أحد قادة الجماعة الاستوائية المتمردة الآن تمرداً بارداً- اذا جاز التعبير – على وزن الحرب الباردة.
> رغم أن الحرب كانت ضروساً بين الدينكا والنوير، إلا أن الاستوائيين بحكم القيم العنصرية هناك يظلون هم العدو المشترك التاريخي والمستقبلي لهما.
> بعد أن وجد مشروع تحويل العاصمة من إقليم الاستوائيين الى إقليم الدينكا أولوية فوق أولويات معالجة الحالات الانسانية وإعادة التعمير، يمكن أن يتمهد الطريق بذلك للاستوائيين لتصميم مشروع لتقرير المصير.
> هذه المرة سيكون الأمر أمر استقلال طبعاً.. وقد كان في الماضي استقلالاً ادارياً وفي عهد حكومة نميري الصعبة الصلبة وقبل اختلال توازن القوة الدولية بانهيار الاتحاد السوفيتي.
> إن الإقليم الاستوائي الذي تحولت منه العاصمة الى اقليم بحر الغزال، يمكن أن تتفجر فيه قضية (جنوب) مشابهة لقضية الجنوب التي بدأت بتمرد توريت عام 1955 من داخل الإقليم الاستوائي نفسه.
> فبعد تحويل العاصمة وخلو إقليم الاستوائيين من عناصر قوة غير استوائية ونظراً لموقعه فإن المناخ سيستمر ملائماً لتطوير الاستقلال الاداري بتقسيم الجنوب أيام جماعة جيمس طمبرة الى استقلال قطري.. من أجل إقامة دولة في الاقليم الاستوائي اسوة بدولة النيليين التي يحكموها بقوتهم العسكرية والقبلية من جوبا.
> لكن هل سألنا لماذا اصلاً تحويل العاصمة بمبالغ طائلة اولى أن تصرف على الخدمات الصحية والتعليمية والنقلية والآلات الزراعية والمراعي وغير ذلك من الاولويات؟؟
> يمكن أن نجد الاجابة في بعض الملامح التنفيذية هناك.
> هناك ينطلق مشروع تأمين يهودي للعاصمة جوبا.. وكأن دولة جنوب السودان ذات الاربع سنوات بلا جيش كفء حتى الآن قادر على حماية عاصمة البلاد.
> او كأن الجيش الشعبي اصلاً هناك يعتبر رافداً لجيش الاحتلال اليهودي في فلسطين بحكم دعمه له لاستئناف التمرد منذ عام 1983م
> وهذا دليل على أن التنظير بتغيير الاوضاع في الجنوب وتحويل مؤسساته السياسية ملحق للاجندة الاجنبية التي بدأت باستئناف التمرد عام 83 عام دمار جنوب السودان بعد إعماره وتطويره وتقديمه باتفاقية اديس ابابا 1972م.
> ومسألة تحويل العاصمة الخرطوم كانت فكرة بعض النيليين ابرزهم باقان اموم عام 2003حينما كان هناك اقتراح بان تكون في ملكال.
> إذن.. في خيال النيليين الا تكون العاصمة في الخرطوم قبل الانفصال ولا في جوبا بعد الانفصال.
> تكون فقط في إقليمي النيليين.. إما اعالي النيل وإما بحر الغزال الذي ستنقل إليه من الإقليم الاستوائي.
> على أي حال، فإن وضع مشروع غير مهم في هذه المرحلة امام اولويات احتواء آثار الحرب يبقى احتقاراً لشعب الجنوب.
> لكن الاستوائيين وقعت في عبئهم هذه الحكاية دون ثمن يدفعونه هذه المرة لاستقلال إقليمهم سيادياً.
> فهل نبارك مقدماً دولة الاستوائيين؟ هل سيظهر الطيب مصطفى آخر في الشمال هناك؟؟
غداً نلتقي بإذن الله..