جمال علي حسن

ما بين (السلام عليكم) والموت لكم


أكبر مفاجأة كان يتوقعها جمهور مباراة ألمانيا وفرنسا الودية التي جرت مساء الفجيعة على ملعب دو فرانس في أكبر عاصمة سياحية أوروبية هي استقبال هزيمة ساحقة أو تحقيق انتصار باهر يرسم لهم مساءً أنيقاً وليلة ممتعة في تلك المدينة الهادئة والآمنة.
لذلك استقبلت جماهير ملعب دو فرانس دوي الانفجار الأول الذي وقع بالقرب من ملعبهم بصوت جماعي متناسق على سبيل التعاطي الإيجابي مع تقليعة جديدة مبتكرة في الاحتفاء والتشجيع ربما أو ألعاب نارية مثيرة حسب ظنون تلك الجماهير الآمنة هناك، لكن سرعان ما استوعبوا واستوعبت معهم أرجاء تلك العاصمة أن أموراً خطيرة تحدث في باريس، أموراً وأحداثاً أكبر من استدعاء روعة هدفي (أوليفييه جيرو وأندريه بيير جينياك) اللذين كتبا للمنتخب الفرنسي فوزاً نظيفاً في اللحظة التي كان كاتب تأاريخ الإرهاب يبذل حبره في أوروبا وليس في العراق وسوريا ولبنان ليدون أبرز عناوين الحزن والفجيعة والدماء في أفسح مدن الحرية والديموقراطية الحديثة في العالم .
قبور ودماء وصفحة جديدة من صفحات الإدانة للمسلمين في هذا العالم.. وتلطيخ راية الإسلام البيضاء.. بدماء بشرية حمراء بريئة تزيد من كراهية البشرية لنا كعرب ومسلمين وتعقِّد أوضاع المسلمين ومستقبلهم في أوروبا.
الإسلام الذي ظلت بطاقة التعرف على معتنقيه هي ترديدهم عبارة (السلام عليكم) أراد هؤلاء أن يستبدلوها بعبارة (الموت لكم) و(الذبح لكم) و(الإرهاب عليكم).
من أفتى بشرعية قتل الإنسان لنفسه وتفجير الإنسان لنفسه بمبررات حماية الإسلام والمسلمين عليه الآن أن يفهم أن كل حادثة تفجير تقع في دولة من دول العالم يدفع الإسلام فاتورتها بقيمة مضاعفة ..
اعتداءات شاطئ سوسة منتصف العام بتونس تسببت بشكل فوري في إغلاق 80 مسجداً نهائياً في أول إجراءات السلطات التونسية في التعامل مع الحدث .
والآن وبعد فاجعة الدماء والأشلاء التي حدثت في باريس اعتزمت فرنسا إغلاق عشرات المساجد وطرد المئات، وليس كل مسجد يتم إغلاقه يعني إغلاق باب من أبواب الإرهاب والتطرف بل من المؤكد أن هذا التضييق سيكون تضييقاً عاماً على المسلمين بمختلف توجهاتهم وأفكارهم، هو تضييق على الإسلام ومحاصرة للإسلام منحتهم تلك الجماعات المتبلدة المتطرفة المسيئة للدين منحتهم الحجة القوية والتبرير فلا أحد من المسلمين اليوم بإمكانه أن يعترض على هدم المساجد وإسقاط المآذن بوساطة الشرطة الفرنسية أو في أي مكان يشعر أهله بأن تلك المساجد ليست دور عبادة لله بل دور وأماكن لتفخيخ المزيد من العقول الانتحارية والأجساد المتفجرة .
كان من الأفضل بالنسبة لنا كمسلمين أن نصادر تلك المنابر ونغلقها في بلداننا وبمعرفتنا وبأيدينا قبل أن يغلقها هولاند وأوباما وديفيد كاميرون، (بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) صدق الله العظيم ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.