مقالات متنوعة

بخيتة أمين : شرحبيل في (مريود)


مطلع الثمانينات كنا نعد الأمور والجلسات بمكتب الشاعر مرهف الكلمات الراحل الحسين الحسن الذي تغنى العشاق برائعته (حبيبة عمري تفشى الخبر و عم القرى والحضر.)
والحسين كان رئيساً لمجلس إدارة دار الصحافة التي قررت إصدار مجلة ( مريود) للناشئين فأسندت رئاسة تحريرها لشخصي وأول ما جلست اليه كان الرجل الالمعي لأدب الأطفال في بلادي الراحل عوض حاج حامد و توأمه المبدع الراحل حسين حسون وكلاهما من أركان ودعائم مجلة الصبيان الأولى على مستوى الوطن العربي في مجال صحافة الأطفال ويشاركهما الفنان شرحبيل احمد وسيف بادي وكاروري كانوا يشكلون ايقونة الإبداع الفني على صفحات مجله الصبيان التي كانت تدخل كل بيت سوداني ويقرأها الآباء والأمهات قبل أولادهم .
جاء شرحبيل مبكرا ودفع بقيمة صحن الفول الذي شاركنا فيه الصحفي الساخر طلحة الشفيع مسؤول الرياضة بالجريدة واسعة الانتشار يومذاك قائلا : الليلة دايرين ندشن( مريود) قلت له: ومن يكون مريود هذا ؟ قال نمت بالخيرة لعدد من الأسماء المطروحة للمجلة الجديدة منذ ان أخبرتني بالفكرة الشهر الماضي وعدوا نماذج لماكيت المجلة في سرعة مع أعداد من بروفات لمغامرات بطلها الشقي مريود وتطوافه على بساط التواصل مع أطفال العالم العربي اولا ثم يطير الى العوالم الخارجية حاملا رسائل السلام لإخوته هناك ناقلا أحوال كل بلد لشقيقه.
ويوم ان تقرر موعد الصدور رجونا رئيس الجمهورية شخصيا ليكتب افتتاحية العدد الاول لانه هو رئيس الاتحاد الاشتراكي ودار الصحافة تابعة ومملوكة لتنظيم الاتحاد الاشتراكي ويوم ان تسلمنا كلمة الرئيس جعفر نميري وبإمضائه لم تسعنا فرحة الانتصار ورأس الدولة يكتب الافتتاحية هرعنا للمطبخ التحريري نحمل النبأ وقررنا ان نذهب جميعا للمطبعة لنشهد ميلاد طفلنا الاول (مريود) وشرحبيل يدخل ويخرج والمطبعة تدور وعباس يفرز ألوان الغلاف في براعة والدبوس يغرز في الملزمة والتلميع يظهر والماكينة تضع المجلة أمامنا والليل ينتصف وشرحبيل يصرخ بأعلى صوته ( جات ولد) وأبكي انا ولا اصدق لقد ولدت (مريود ).
شرحبيل فنان ذو كيمياء خاصة مهما تختلف معه يبادلك الجفاء بود عميق وريشته التي يبللها بإلماء دوما يرسم بها الوفاء الدفين يفعل ذلك كلما اشتد عليه حسد الآخرين الذين لا تعجبهم نجاحات شرحبيل التصاعدي وزرع التحنان الأبدي عند زكية الملهمة وأولاده وبناته
وأصبحت دارهم منتجعا للفن والجمال و العود والكمنجة والجيتار.
الاحتفالية التاريخية التي تولتها أروقة وسجلت فيها أعجازا وإنجازا ليست غريبة على السموأل وقبيلته المبدعة دوما وشرحبيل يستحق الذي وشحته به أروقة
أمد الله في عمرك اخي الذي أتفاخر به دوما شرحبيل احمد وغداً… تعود(مريود) ونعود كما كنا.