مقالات متنوعة

بدر الدين حسن علي : فيلم الموسم


فيلم الذهب والقنفذ ومكواة الفحم
هو بالفعل فيلم الموسم ، ولن أكشف لكم عن ” إستاف ”
الفيلم ” فالجو ” مكهرب ” والسينما أصلا مغضوب عليها ، وعدد كبير من أعمدتها في اللائحة السوداء .
يردد الناس المثل ” كل الطرق تؤدي إلى روما ” باعتبار أن هناك 19 طريقا تؤدي إلى روما ، بعدد فرق كرة القدم الإيطالية ، كما هناك 19 دولة تؤدي إلى السودان ، أما المثل فهو مثل روماني قديم ، وسببه أن مدينة روما قبل أن تصبح عاصمة الإمبراطورية الرومانية أرادت أن تبني دولة قوية وتترأس زعامتها ، فقامت بفتح المدن المجاورة لها ، ولكن واجهتها صعوبة المواصلات ووعورة الطريق ، فعمدت إلى ربط كل مدينة تفتحها بطريق مرصوف يصل في نهايته إلى روما ، حتى تبقى هذه المدن المفتوحة تحت سيطرتها ، فأصبح كل طريق يصل في نهايته إلى روما .
زرت الفاتيكان وأعجبني معمارها ولوحاتها , زرت روما وشاهدت مسارحها وشوارعها ، زرت حديقة الحيوان الإيطالية وشاهدت القنفذ يلعب بسلام ، وهذا المقال كان في الأصل بعنوان ” كل الطرق تؤدي إلى روما ” فتغير إلى ” كل الطرق تؤدي للخرطوم ” بعد إكتشاف الذهب والقنفذ ومكواة الفحم ، وهو أيضا تغير ، وأكد لي أحد الأصدقاء أن الخرطوم أصبحت عاصمة اللاجئين من جميع أنحاء العالم بحثا عن الذهب والقنفذ و مكواة الفحم ، وأن الصحف ووكالات الأنباء العالمية لا شغل لها سوى تغطية أخبارهم ، لدرجة أن محكمة الجنايات الدولية نشرت إعلانا بالقبض على ” أبو القنفذ ” السوداني حيا .
قرأت مقالا طريفا وبلغته الجميلة لصديقي الصحفي السر سيداحمد ، وكان يعمل سابقا بصحيفة الشرق الأوسط ، وحاليا مقيم في كندا ، وهو متخصص في البترول ،- بالمناسبة يا السر وين أخونا عبدالرحمن النجومي بتاع الأوابك ؟ المهم المقال يعنوان ” ذهب السودان بعد نفطه .. إلى أين ؟ ”
شرح سيداحمد ما يشاع عن ذهب السودان واستعرض القليل عن بترول السودان ، أشار فيه إلى أهم معوقات التنقيب عن الذهب في السودان وعن الشركة الروسية الموقعة على إتفاقية التنقيب عن الذهب مع حكومة السودان .
أشار سيداحمد أن أنظار السودانيين تتجه الى فبراير المقبل لمعرفة امكانية تحقيق الوعود التي أطلقها وزير المعادن الشاب، أحمد الصادق الكاروري، ببدء الإنتاج الحكومي من الذهب بمشاركة روسية ،
وقال : في أواخر يوليو المنصرم، أعلن عن التوقيع على عقد بين الوزارة والشركة الروسية “سيبريا” بحضور الرئيس عمر البشير شخصياً، مما يشير إلى الأهمية التي أسبغت على المناسبة ، وفي حفل التوقيع نفسه تحدث الوزير عن الاحتياطيات
الضخمة المكتشفة من الذهب التي سيجري العمل للبدء في إنتاجها من موقعين في ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، حيث يمكن للموقع الأول أن ينتج ثمانية آلاف طن والثاني 36 ألفاً، ولو أن التوقيع مع شركة سيبريا الروسية أقتصر حتى الآن على الموقع الأول فقط. الوزير أوضح أن نسبة الحكومة من العائد ستصل إلى 75 في المئة وسيكون الباقي للشركة، كما أضاف في تصريحات لاحقة ان الشركة ستقوم بموجب العقد بتوفير مبلغ خمسة مليارات دولار في شكل قرض من مؤسسات التمويل العالمية، بضمان الذهب المنتَج.
طبعا بعد قراءة المقال يتضح أن كل ما ذكره سيداحمد شائعات وأكاذيب وأوهام ، فلم يجد غير أن يختم بنكتة بليغة :
مع تتالي طوفان الأسئلة المتعلقة بالذهب، لخص أحد المراقبين الوضع باستدعاء ما نُقل عن أحد شيوخ القبائل عندما ظهرت دعوة الثائر محمد أحمد المهدي في القرن التاسع عشر (الجد الكبير للزعيم الحالي الصادق المهدي)، معلناً أنه المهدي المنتظر، وعلى الناس مبايعته لتخليص البلاد من الظلم وإقامة العدل. وفي رده على أسئلة أحد أتباعه عن دعوة المهدية تلك، قال الشيخ بلغة سودانية دارجة: “إن كان مهدي جيد لينا، وإن طلع ما مهدي شين لينا”، أي اذا اتضح انه مهدي الله المنتظر فعلاً فهذا جيد لنا ومن حسن حظنا، واذا كان غير ذلك فليس لنا من الأمر شيء لنخسره!