حوارات ولقاءات

إبراهيم محمود حامد لبرنامج (فوق العادة) (1):هدفنا تحقيق السلام سواء مع عرمان أو أي شخص ولا يهمنا بمن يأتون


كثيرة هي الملفات التي تقع مسؤوليتها المباشرة على عاتق المهندس إبراهيم محمود حامد مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، رئيس وفد الحكومة لمفاوضات المنطقتين، وهذه الأخيرة كانت الشغل الشاغل في أضابير السياسة السودانية الأيام الماضية، في أعقاب تعليق جولة المفاوضات العاشرة بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، وبالرغم من أن المهندس محمود عقد مؤتمراً مشتركاً مع د. امين حسن عمر رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات وقف العدائيات حول دارفور، أوضحا فيه تفاصيل ما جرى، إلا أن إفراد مساحة أكبر وطرح أسئلة أكثر حول ملف المنطقتين ودارفور وطبيعة الوفد التفاوضي وأسباب التعثر ومطلوبات النجاح وغيرها، كلها كانت دافعاً لاستضافة مستفيضة للمهندس محمود عبر برنامج (فوق العادة) الذي يقدمه الأستاذ ضياء الدين بلال على قناة (الشروق)، ورغم سخونة الأسئلة والطرق على كل التفاصيل إلا أن المهندس محمود كان سخياً في إجاباته على نحو ما سنرى:

مساعد رئيس الجمهورية هو الذي يقود الوفد والمؤسسة هي التي تديرالتفاوض

بالنسبة للقضايا الوطنية ليست هناك مساحة كبيرة للاجتهادات الشخصية

الحركة جاءت للمفاوضات بشخص عرمان وبمستشارين خارج القاعات بينهم يهودي

حركات دارفور تحاول التنصل عن اتفاقية الدوحة وتحميل الملف للاتحاد الإفريقي

قصدنا ألا يحضر د. أمين لأنه ليس جزءًا من الآلية الإفريقية التي تدير ملف المنطقتين

نحن لسنا الأشخاص المعنيين بمناقشة قضايا الحوار وترتيباته مع الحركات

* لماذا ترتبط قيادة وفد التفاوض بمنصب مساعد الرئيس؟
مساعد رئيس الجمهورية هو الذي يقود وفد التفاوض منذ عهد الدكتور نافع والبروفيسور غندور والمؤسسة هي التي تدير التفاوض وليس الأشخاص الذين يقودون هذا العمل، وعندما يكون العمل خاصا بالمؤسسة لا تكون هناك مشكلة كبيرة في من يقود الوفد.
* الأشخاص يكون لديهم تأثير من حيث مقدرتهم على التواصل مع الآخر ومقدرتهم على التعبير ومقدرتهم في أن تكون هناك خطوات إيجابية أو أن تظل الأوضاع كما هي؟
هذا بالنسبة للقضايا الوطنية فليس فيها مساحة كبيرة للاجتهادات الشخصية، لأننا نتحدث عن مصالح وطن وليست شخصية أو حزبية، وعندما يكون التحاور حول قضايا وطن وأمن دولة واستقرارها يكون دور المؤسسة أقوى بكثير عن دور الأشخاص.
* ما هو التفسير لثبات رأي الوفد في جانب الحركة الشعبية؟
حتى وفد الحركة الشعبية ليس الوفد السابق ولم يذهب مالك عقار ولم يذهب عبد العزيز الحلو ولم يأتِ جبريل، لذلك نحن نقول إنهم جاءوا للمفاوضات بشخص ياسر عرمان فقط ولكن بمستشارين له كانوا خارج القاعات على رأسهم المبعوث الأمريكي وبعض الشخصيات الغربية وقيل “مستشار يهودي” ومستشارين من الحزب الشيوعي.
* المستشار اليهودي ليس له انتماء لدولة؟
المستشار اليهودي أنا لا أعرف انتماءه لكن الحديث عن وجود مستشار يهودي وبعض قيادات الحزب الشيوعي كانت موجودة وباستمرار ياسر يرجع لهؤلاء المستشارين.
* ذكرت اسم جبريل إبراهيم، هو ليس جزءاً من الحركة الشعبية هل كان هناك سماح لحركات دارفور بأن يكون لها وجود داخل المجموعة التفاوضية للحركة؟
لا.. الدعوة جاءت لوقف العدائيات للمنطقتين ودارفور وكان الطلب أن نأتي بوفدين منفصلين.. ونحن ذهبنا بوفد يقوده د. أمين حسن عمر ووفد يقوده شخصي للمنطقتين.
* الربكة الأولية أن د. أمين كان مقعده موجوداً ولم يحضر الجلسة الافتتاحية بينما حضرت القيادات الأخرى لحركات دارفور، البعض كتب أن الفوضى كانت المعلم البارز في هذه المفاوضات؟
الحركات المسلحة في دارفور تحاول دائماً أن تتنصل عن اتفاقية الدوحة وتحاول أن تحمل الملف للاتحاد الإفريقي، وهناك موقف ثابت لنا أن الدوحة هي منبر ثابت لدارفور.
* لماذا لم يحسم هذا الموقف مع الآلية الإفريقية؟
الآلية خطابها كان واضحًا أن نأتي بفريقين للمهمتين، وكل وفد منفصل عن الثاني وليس هناك علاقة بين المنطقتين اللتين كانت لهما تسع جولات سابقة ودارفور .
* لماذا كان هناك مقعد شاغر..؟
– بحدة-
لم يكن هناك مقعد والقاعة نفسها ليس فيها مقاعد مكتوبة ونحن قصدنا ألا يحضر د. أمين لأنه ليس جزءًا من الآلية الإفريقية التي تدير ملف المنطقتين، ولكن عندما أتت المفاوضات مع الآلية لوقف إطلاق النار في دارفور د. أمين كان موجوداً معهم .
* هناك تشكيك في التفويض، الطرف الآخر يتحدث عن أن التفويض الممنوح لهذا الوفد يكاد يكون تفويضاً محدوداً وبالتالي مقدرتكم على التحرك تكون محدودة اكثر من الوفود السابقة؟
أنا أعتقد أن إدراك وفهم مبارك اردول لحديث د. أمين كان حديث شخص لم يطلع على الدعوة المقدمة لنا وهي لوقف العدائيات في دارفور والمنطقتين، والسؤال الذي وجه لدكتور أمين هل ستناقشون الحوار؟ وقال إن “المانديت” الخاص به هو مناقشة وقف العدائيات في دارفور. وهذا هو خطاب الآلية ولم نأتِ بخطاب لمناقشة الحوار الوطني.
* في هذه الحالة لماذا لم يكن الاجتماع خاصا باللجان الفنية عسكرية متعلقة بالعدائيات وليس لقاءً سياسياً على مستوى مساعد الرئيس ونائبه لشؤون الحزب؟
هذا ليس لقاءً سياسياً هو لقاء لمناقشة إيقاف الحرب في المنطقتين وعمل اجتماع تحضيري وهذا كله يلينا نحن ولا يلي د. أمين الذي هو أتى فقط لوقف النار في دارفور .
* لماذا إذا كانت هذه المسألة متعلقة بما هو عسكري وبوقف العدائيات، لماذا لا تكون الوفود فنية وعسكرية متعلقة بهذا الأمر وجودكم يعطي بعداً سياسياً وإحساساً بأن هذا الوجود امتداد للمفاوضات التي كانت تجري في أديٍس؟
يجب أن يكون مفهوماً جيداً أن الحوار الوطني الذي يجري في السودان الآن لا يديره المؤتمر الوطني ولا الحكومة السودانية، الحوار تديره آلية تنسيقية عليا سميت (7+7) تم اختيارها عندما اجتمع حوالي ثمانين حزباً في السودان واختارت هذه الآلية لإدارة هذا الحوار، ولذلك نحن لسنا الأشخاص المعنيين بمناقشة قضايا الحوار وترتيباته مع هذه الحركات. (7+7) سوف تذهب لأديس وهذا ما ثبتناه في المفاوضات، أن تحدد الآلية زمان وتخطر آلية الحوار لأنها معنية بإدارة الحوار ونحن لا نريد أن نرسل رسالة خاطئة أن الحوار يديره المؤتمر الوطني أو تديره الحكومة.
* نقطتي أن الوجود السياسي هو الذي….؟
– مقاطعا-
هذا تصريح أمني د. أمين سألوه عن الحوار وقال إن الحوار ستأتي (7+7) لتتناقش فيه وهذا ليس “المانديت” الخاص بي، لكن مبارك اردول (المتحدث باسم وفد القطاع) لا يعرف من الذي يدير الحوار ولذلك قال إن الوفد جاء بدون تفويض. وأصلاً د. أمين غير مسؤول وإذا كان هناك من سيأتي باسم المؤتمر الوطني سيأتي ممثلا للمؤتمر الوطني داخل آلية (7+7) وهي أخذت في سياق مختلف تماماً.
* ما هي أهم نقاط الاتفاق بينكم ووفد الحركة الشعبية؟
في تقديري الحركة جاءت لهذا اللقاء بهدف محدد هو وقف إطلاق نار ومساعدات إنسانية عبر الحدود ولذلك نحن عندما جئنا – صحيح الآلية قالت وقف عدائيات- ولكن مفهومنا لوقف العدائيات هي المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار وترتيبات أمنية واتفاق سلام شامل ، ولذلك كان إصرارانا منذ بداية الجولة أن يكون العنوان وقف عدائيات يقود فوراً لوقف إطلاق نار دائم ويقود لترتيبات أمنية وسياسية وإنسانية وهذا ماكان يناقش في الجولات السابقة، ولكن وفد الحركة لأن هدفه محدود جداً مصر أن يكون هناك وقف عدائيات إنساني ونحن لدينا تجربة سابقة في ذلك فكيف لذات الحركة الشعبية التي استطاعت تمرير هذا المفهوم عام 1988 بواسطة “شريان الحياة” الذي غذى التمرد وأشعل الحرب حتى 2005 .
* في أغسطس 2002م هناك تجربة لوقف العدائيات لأسباب إنسانية تمت الموافقة عليها من قبل الحكومة السودانية مع الحركة في ذلك الوقت ألا تعتبرونها تجربة يمكن أن تستخدم كسابقة في هذا التفاوض الآن؟
أولاً أريد للمشاهد أن يفهم تماماً أن الشأن الإنساني يستغل لأغراض سياسية وعسكرية والحملة لم تبدأ اليوم.. بدأت في عام 2011م بأن حكومة السودان تمنع المساعدات الإنسانية في مناطق الحرب وجلسنا مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ووقعنا عام 2012م اتفاقية ثلاثية لتتولى الأمم المتحدة توصيل هذه المساعدات لمناطق الحركة ، وتم توقيع هذه الاتفاقية بواسطة حكومة السودان وبواسطة الحركة وعندما جئنا للتنفيذ رفضوا وفي مايو من ذات العام مجلس الأمن الدولي في قراره (2046) أمر بعبارات قوية حكومة السودان والحركة الشعبية شمال تنفيذ الاتفاقية الثلاثية للمساعدات الإنسانية، والحركة الشعبية منذ ذلك الوقت ترفض تنفيذ هذه الاتفاقية وعندما قالت الأمم المتحدة أنها ستقوم بتحصين الأطفال في مناطقهم “رفضوا” ومشكلتهم ليست مشكلة إنسانية.
* ولكن في ذات قرار مجلس الأمن الدولي (2046) هناك اعتماد كامل لاتفاقية ( نافع –عقار) وأنتم لكم رفض على الاتفاق؟

هناك فرق بين رفضي لاتفاق سياسي لشراكة سياسية وشخص يرفض تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين.
* لكن القرار واحد يا باشمهندس؟
أنا أتحدث عن “الإشوissue” “ وهو انهم إذا كانوا حريصين على المواطنين الموجودين في مناطقهم كيف يمنعون تنفيذ اتفاقية تساعد المواطنين من عام 2012 وإلى الآن وتتخذ الآن ذريعة مرة أخرى لتمرير السلاح من جنوب السودان وهذا أمر واضح ونحن ليس لدينا مانع من تنفيذ الاتفاق ولعلمك نحن في الجولات السابقة اتفقنا على الشأن الإنساني كله وكان يفترض أن تشكل لجنة وعندما جئنا للاتفاق الحالي البروفيسور باترك مع أمبيكي قال “ننقل بند الشؤون الإنسانية التي تم الاتفاق عليها ومكتوبة بالأحمر ونضعه في الاتفاقية رفض ياسر عرمان لأنه مكتوب فيه سيادة الدولة وعرمان لا يريد حتى لسيادة الدولة أن تكون مكتوبة” ولذلك أنا أود أن أوضح للمواطنين أن الشأن الإنساني يستغل الآن لاستمرار الحرب ، وهو- ياسر- خططه كانت واهية جدًا، قلنا له لماذا تريد أن تدخل المساعدات الإنسانية عبر الحدود؟ ونحن الآن لدينا اتفاقية موقعة مع حكومة جنوب السودان بطلب من الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية من السودان لجنوب السودان وإذا كان الجنوب ذاته باتفاقية تقدم له المساعدات الإنسانية من السودان لماذا يريد غير ذلك!
* هل هناك حساسية زائدة في التعامل مع ياسر عرمان من قبل الوفود الحكومية؟
نحن بالنسبة لنا الرؤية واضحة نحن عندنا هدفان رئيسيان تحقيق السلام سواء كان مع ياسر أو أي شخص هذا لا يهمنا نحن كدولة نتعامل كمؤسسة لديها هدف استراتيجي وهو إيقاف الحرب ، ولذلك نحن لايهمنا يأتوا بمن .. يأتي ياسر عرمان .. يأتي عبدالعزيز ..يأتي مالك ..
* من تفضلون أنتم؟
– بحدة-
“ما بنفضل أي زول.. نحن نريد زول مفوض وجاد يأتينا للوصول إلى سلام”، وأنا أقول لك نحن في الجولات السابقة اتفقنا على تسعين بالمائة من الاتفاقية الإطارية، التي قدمتها الآلية وإن كانت هناك إرادة من الممكن أن نصل إلى سلام منذ الجولات السابقة وكان من الممكن أن ننهي في هذه الجولة كل الأشياء ولكن أنتم تعلمون أن هؤلاء الناس في سبتمبر الماضي “جمعوهم كلهم” في باريس في اجتماعات بغرض تكوين “ كوم كبير” مقابل الحكومة والأحزاب الموجودة بالداخل وفشلوا وفي هذا الشهر الخلاف بينهم أصبح صعباً جداً ، ولكن نحن نعتقد أن لدينا هدفاً رئيسياً هو إيقاف الحرب وهدفاً رئيسياً أن يأتوا للحوار الوطني .
* وفد الحركة الشعبية يأتي مصحوباً بمستشارين من جميع أنحاء السودان هذه المسألة كأنها ترسل رسالة بأنهم يمثلون كل السودان وليس المنطقتين كيف تتعامل الحكومة مع هذه المسألة ولماذا لا يكون لها مستشارون من الأحزاب الأخرى؟
نحن وفدنا فيه “ كم وعشرين شخص” والآلية تطلب كحد أقصى (6+6) لكن المستشارين على مستوى المركز موجودون وعلى مستوى الوفد موجودون.
* أنا أتحدث عن تمثيل للقوى السياسية الأخرى؟
موجود معنا دانيال كودي من نفس الحركة الشعبية الموجودة عندهم ومعنا بشارة أرو من حزب العدالة وباكو تالي من الحزب القومي السوداني .. موجود معنا أناس من مختلف القوى السياسية وموجود معنا قيادات حقيقية من المنطقتين ولكن أعتقد أن المشكلة الكبيرة في أن الحركة مازالت تعتقد أنها بواسطة السلاح يمكن أن تفرض أهدافها السياسية على بقية السودان.
* واضح أن الحركات المسلحة في دارفور والمنطقتين لم تعد لها المبادرة العسكرية ولم يعد لها تأثير كبير هل لهذه المسألة انعكاسات سلبية أم إيجابية على مواقفها في التفاوض؟
يخيل لي أن لديها انعكاسات وبالمنطق يجب أن تكون إيجابية وياسر عرمان لأول مرة يتحدث عن أنهم “ضعاف” بخلاف الجولات السابقة “ العنترية” ولذلك أنا أعتقد أن الأوضاع ليست في صالحهم سواء كان في جنوب السودان أو الأوضاع العالمية أو أوضاعهم الداخلية نفسهم في خلافاتهم ومهما ادّعوا ..الجبهة الثورية الآن تمزقت تماماً وقوى نداء السودان تتصارع كلها وحتى على المستوى الدولي الآن هناك رفض تام لأي عنف أو إرهاب.
* هل أنتم في المؤتمر الوطني أو الحكومة تراهنون على هذا الضعف وبالتالي تتخذون مواقف تفاوضية متشددة وهل هذه المسألة لديها انعكاس بمرونتكم وقابليتكم لتقديم تنازلات ؟
على العكس نحن طلبنا للسلام باستمرار هو الذي جعل سلوك حكومة السودان يختلف عن كل الدول الإفريقية ، الآن كل الدول الإفريقية تعتبر الحركات المسلحة إرهابية ولا يجلسون معها حتى الجلوس الذي نجلسه نحن مع هذه الحركات المتمردة الآن .. نحن موقفنا ثابت نسعى لاستقرار وسلام ولا نسعى لاستغلال ضعف أي جهة سياسية مهما كانت ولكن نسعى للوصول لحلول منطقية وعملية نستطيع من خلالها المضي بالسودان للأمام.

حوار : ضياء الدين بلال:

الراي العام