صلاح الدين عووضة

(يخرب بيتنا يا شيخ) !!


*لفت نظري منظر قاعة البرلمان البريطاني البارحة…
*نعم رأيته كثيراً – عبر الشاشات طبعاً – ولكنها المرة الأولى التي أنظر فيها إليه كمبنى لا معنى..
*أدهشني تواضع محتوياته مقارنة ببرلمانات دول ليس لها من الديمقراطية سوى اسمها..
*ما من نائب له مقعد وثير خاص، ولا طاولة أمامه، ولا جهاز صوت لـ(الثرثرة)..
*فقط أريكة طويلة لكل عدد من النواب يتراصون عليها وأعينهم على المنصة (المتواضعة)..
*واستحضرت منظر (10 داوننغ ستريت) كذلك..
*فرغم كونه مقراً لرئاسة الحكومة – وسكناً لرئيس الوزراء – إلا أنه غاية في البساطة..
*ومكتب رئيس أمريكا يقل فخامةً عن مكتب (مدير مكتب) أي وزير من وزرائنا..
*ودستورها يمكن اختزاله في صفحة واحدة بينما بريطانيا لا دستور مكتوب لها ..
*ولكن في مثل الدول (المحترمة) هذه (يُحترم) الدستور إلى حد التقديس..
*لا تحايل فيها عليه بقوانين استثنائية تنتقص من (هيبته)..
*قوانين فرعيه تأخذ بالشمال ما يمنحه الدستور باليمين من حقوقٍ للمواطنين..
*ولا تعديل لبندٍ فيه – كذلك – يتيح للرئيس تمديد فترة رئاسته وإن كان في (عظمة) روزفلت..
*فالمعاني هناك هي التي تهم وليست المباني…
*فما من إحساسٍ بـ(الخلود) يعتمل في نفس الوزير ليجعله يستهل ولايته بـهوس المظاهر..
*لا يهمه – الوزير هناك – إن كان أثاث مكتبه حديثاً أم يعود إلى سلفه قبل الأسبق..
*بل المهم عنده ألا يبدد زمن فترته في الولائم والقشور والأسفار و(كثرة الكلام)..
*هنا في بلادنا – سيما خلال العهود الشمولية – اهتمام بالمظهر دون الجوهر..
*مظهر المبنى والمكتب والسكرتيرة والسيارة والمنزل وحتى الدستور..
*يُحشد للدستور هذا العشرات من الوجوه المحفوظة عند كل (حشد)..
*و(يحتشد) بملايين المفردات المعبرة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان..
*ثم لا شيء من ذلكم يتنزل إلى أرض الواقع أبداً ..
*فهو محض دستور جميل في (مبناه) – دون المعنى – و(خلاص)..
*وهكذا حالنا قياساً إلى أحوال دول (يُحترم) فيها المنصب والدستور والإنسان..
*أرجوكم لا تشاهدوا مساء اليوم نشرة أخبارنا التلفزيونية لتروا فخامة (مباني) برلماننا..
*شاهدوا – عوضاً عن ذلك – نشرات أخبار الـ(بي بي سي) عن الحكومة البريطانية..
*وانظروا – بحسرة- إلى (فخامة) المعاني مع (بساطة) المباني..
*ثم رددوا عبارة الزعيم (يخرب بيتنا إحنا يا شيخ!!).