مقالات متنوعة

محمد عبد القادر : مدير الصحة يُهدِّدنا.. (شِدُّوا حيلكم وحَبَاب القانون)!!


أمس الأول استأنست بتلفون صباحي من الأخ العزيز جمال مبارك المُمسك بملف العلاقات العامة في وزارة الصحة بالخرطوم، آخر عهدي بجمال حينما كان مديراً للعلاقات العامة بمستشفى الخرطوم، جمال شَابٌ مُحترمٌ كما أننا (أولاد دفعة) في الجامعة، وهو ممن يمتازون بالتهذيب العالي والأدب الجَـــم والخُـــــلُق الرفيـــع، أخبرني جمال وهو يتقطر أسفاً أنه يهاتفني بتكليف من مدير عام الوزارة الجديد ويدعي بابكر محمد علي وقد طلب منه إبلاغي أنني بين خيارين إما الاعتذار بـ (البنط العريض) عن تعليق على خبر يقول بأن 40% من الذين يموتون في المستشفيات سببهم التخدير أو أنه سيقودني صاغراً – ودي مني – إلى الإجراءات القانونية مُشتكياً (الرأي العام) ضمن صحف عديدة نشرت الخبر.
وقبل أن أعلق على تهديدات المدير الجديد واختياره أن يبدأ مُهمته في الصحة بمُواجهة الصحف سأحاول تلخيص القصة باختصار:
احتجت الوزارة بتاريخ 16 نوفمبر الماضي وعبر هذه الزاوية على تعرضنا لتصريحات منسوبة لمدير إدارة السموم بوزارة الصحة ولاية الخرطوم مفادها أنّ 40% من المرضى في المستشفيات يموتون بسبب التخدير، وأن مُعظم الأدوية المُستوردة مُنتهية الصلاحية، الوزارة قالت في ردها الذي نشرناه هنا بالشولة والنقطة على لسان الناطق الرسمي المُحترم الدكتور معز حسن بخيت إنه لا توجد إدارة في الوزارة اسمها إدارة السموم وإنه لا يوجد كَادرٌ بالاسم الذي ورد في التصريحات يتبع للوزارة أو إدارة الصيدلة.
نشرت الصحيفة رد الوزارة كاملاً، وبدلاً من أن تتجه الجهات المسؤولة لاتخاذ إجراءات بحق من صرّح باسمها أو تعالج (الحال المايل) الذي كَشَفَت عنه التصريحات أقدمت على تهديد الصحف التي تَعَوّدت أن تتحمّل مسؤولياتها حيال ما تنشر مهما كانت النتائج لأنها لا تهرب من مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية، فالغرض من النشر كان التنبيه إلى خلل كارثي يرتبط بحياة الناس في ظل واقع مَعلوم يَشكو من التدهور والتراجع على مستوى الخدمات الصحية.
ربما أغرى نشرنا لتعقيب الوزارة المدير الجديد فأحس بأننا نهاب القانون، وما درى أنه ومن دواعي سُـــرُورنا أن نختصم أمام المَحاكم مع أية جهة قَصّــرَت في حَـــــق المواطن الكريم، تنازلت عن مساحتي بالكامل إيماناً بالرأي والرأي الآخر ونشرت خبراً في الصفحة الأولى منسوباً للوزارة يُفنِّد الحديث الخطير ليس خوفاً من القانون وليس طمعاً في ما عند المدير أو الوزير، وإنّما إيماناً بحق الوزارة في النشر والتوضيح، وعلى الرغم من ذلك ظن المدير الجديد أن بمقدوره إرهاب الصحف.
أعلم أنّ المُدير المُستجد أو المُستبد في هذه الحالة يقدم على إحراج الوزير نفسه، فالصحيفة التي يملكها مأمون حمّيدة نشرت الخبر كذلك منسوباً إلى ذات المصدر، لذا فإننا لن نقحم د. مأمون ونطالبه بأن (يدي المدير راسو) ويبصره بطريقة التعامل مع الصحافة والإعلام.
يا سعادة المدير الجديد (رَوِّق المَنقة) ستكون الصحافة سعيدة وهي تتلقى ورقة الاستدعاء أمام المحكمة لفتح ملف الخدمات الطبية التي تُقدِّمها الوزارة وأوضاع المستشفيات ونسب المرضى والمتوفين من بين القادمين إلى مَجَازر لا ترحم، لن يغني عن الحق شيئاً إن من أورد الإحصائية لا ينتمي للوزارة، الإحصائية مُثبتة في مَضابط المُنتدى المذكور، السؤال يتجاوز من القائل إلى، هل يموت المرضى فعلاً بفعل التخدير وبكل هذه الأعداد المُخيفة والمُفجعة؟، موعدنا ساحات المحكمة لنتعَرّف على الإجابة، وشِدُّوا حيلكم.