مزمل ابو القاسم

اقتصاد الندرة


* قبل تنفيذ قرار رفع الدعم عن المحروقات في العام 2013 حرص وزير المالية علي محمود (وقتها) على شرح دوافع قراره في مؤتمر صحافي، قال فيه إن الدولة تدعم برميل الوقود بمبلغ (97) دولاراً، لأن سعره العالمي وصل (146) دولاراً، بينما تبيعه الحكومة لمواطنيها بـ(49) دولاراً فقط.
* سمعنا وقتها حديثاً كثيراً عن أن الدعم يذهب إلى الأغنياء، ولا يصل محدودي الدخل، وأن بعض الأسر الميسورة تمتلك عدة سيارات، وتنال دعماً للوقود تفوق قيمته خمسمائة جنيه في الشهر.
* خلال العام الحالي انهارت أسعار الوقود عالمياً، وتراجع سعر البرميل إلى أقل من (40) دولاراً، وما زال وزير المالية (الذي خلف محمود) يتحدث عن ضرورة رفع الدعم عن الوقود، مع أن الأسعار التي تباع بها المحروقات محلياً لم تشهد انخفاضاً موازياً للذي حدث للأسعار العالمية.
* لو اعتمدنا الأرقام التي ذكرها علي محمود لتبرير رفع الدعم، سنجد أن الشعب يدعم الحكومة بأكثر من تسعة دولارات لكل برميل نفط حالياً.
* وقتها حذر الوزير من أن الإبقاء على الدعم سيقود السودان للوقوع إلى (اقتصاد الندرة)، وسيتسبب في فشل الدولة، فهل أنجانا رفع الدعم من الوقوع في الفخ المذكور؟
* هل حال رفع الدعم دون توجه الاقتصاد نحو الندرة؟
* خلال العام الحالي حدثت أربع أزمات خانقة في الجازولين، ودفع المواطنون فاتورتها بازدياد مضطرد في أسعار الشحن وتذاكر المواصلات العامة.
* كذلك شهدنا عدة أزمات في الغاز، الذي صار الحصول على أنبوبة وحيدة منه يستوجب الاحتفاء، كما شملت (الندرة) البنزين الذي يصدره السودان إلى بعض دول الجوار.
* الأزمات لم تستثن حتى رغيف الخبز، والأدوية المنقذة للحياة، وذلك يؤكد أن رفع الدعم لم ينج الاقتصاد من التوجه نحو (الندرة)، بدرجة دفعت الدكتور عادل عبد العزيز (الخبير الاقتصادي المعروف) للمطالبة بالعودة إلى بطاقة التموين.
* هذه الأيام تتردد مقولة (الشعب مستهلك لا يعمل ولا ينتج)، علماً أن من اتخذوا قرار رفع الدعم في 2013 برروه بأن الحكومة قضت على الصفوف، ووفرت كل السلع، الأساسي منها والكمالي، بما فيها البيتزا والشوكلاتة والهوت دوغ وغيرها، فكيف ينقضون غزلهم بأيديهم، ليتحدثوا عن شيوع ثقافة الاستهلاك بعد أن برروا وجمَّلوا بها قرارهم السابق؟
* أؤيد الزميل جمال علي حسن في أن المجتمع بحاجة إلى تعزيز ثقافة العمل، وأنه مطالب بأن يتقبل واقعه ويزيد إنتاجه، لكن الثابت الذي لا جدال فيه أن السلطة تظل مطالبةً بتوفير القدوة الحسنة لمواطنيها، لتحثهم على فعل ما يفيد بلادهم وهجر ما يضرها.
* هل وفرت الحكومة القدوة الحسنة لمواطنيها؟ هل عاشت واقعها وخفضت إنفاقها، وشدت الحزام على (كرشتها) المترهلة؟
* الإجابة لا تحتمل الجدل، والأرقام المحايدة لا تقبل الانحياز.


تعليق واحد