زهير السراج

سبب انحطاطنا !!


* انجلت اسباب الفساد والخراب فى بلادنا بمقال امين حسن عمر فى (مجلة الحركة) التى وُزعت اثناء مداولات المؤتمر التنشيطى للحركة (الاسلامية) السودانية، مبررا فيه الفساد، وداعيا اليه، ومعترضا على اختيار الحاكمين ومحاسبة المفسدين بالمعايير الاسلامية الصحيحة التى يطالب بها البعض. ملحوظة: (استخدام القوسين مع كلمة (الاسلامية) المقترنة بكلمة الحركة ضرورة لتبرئة الدين الاسلامى الحنيف من هذه الحركة وافعالها، المحرر) !!!!
* لم ينتقد (الاسلامى) المحترم ضعف الوازع الدينى أوالتربية الخاطئة، وتغييب الأجهزة الرقابية، وانعدام معايير الشفافية والمحاسبة، وضعف القوانين أو وجود قوانين تجيز التحلل والفساد والهروب من العقاب، كأسباب لانتشار الفساد والخراب فى اجهزة الدولة، ولم يطالب بالمراجعة والمحاسبة، كأى انسان طبيعى، وفق الفطرة السليمة والقيم الرفيعة والقانون الصحيح، وانما سعى بكل ما يمتلئ به اناؤه من مفاهيم خاصة به، لتبرير الفساد فى أجهزة الدولة بجماهيرية حزب المؤتمر الوطنى واقبال الناس عليه، وهو، أى الحزب، لا يستطيع إلا أن يقبلهم، خاصة اصحاب الجماهيرية منهم، بغض النظر عن صفاتهم وسلوكهم الشخصى او القيادى، وانه لا يمكن تطبيق المعايير الاسلامية او الاخلاقية عليهم بسبب المقبولية والجماهيرية !!
* يقول أمين بالتحديد “إن طبيعة المؤتمر الوطنى بصفته حزبا جماهيريا لا تتوافق مع التشدد فى شروط العضوية والقيادة لا سيما اذا نال الشخص مقبولية وتفويضا جماهيريا”.. أى ان الشخص مهما كانت صفاته الشخصية وسيرته الذاتية سيئة، فلا يمكن الا قبول طلب عضويته، بل وتصعيده الى وظائف قيادية فى الحزب والدولة، مؤكدا على ذلك بقوله انه “فى بلاد مثل بلادنا قد ينال الشخص ــ على علاته ــ تفويضا جماهيريا واسعا بسبب نعرته العرقية او الجهوية او طريقته الصوفية بصرف النظر عن صفاته وسلوكه الشخصى والقيادى” .. يعنى بالواضح كده انو حزب المؤتمر لا يهمه ان يكون الشخس فاسدا او فاسقا او سئ السمعة، ولكن ما يهمه هو ان يكون صاحب شعبية!!
* هذه هى، ايها السادة، المعايير والمبادئ التى ظل حزب المؤتمر الوطنى يحكمنا بها ويدير بها بلادنا منذ ربع قرن من الزمان، فلا مجال للاخلاق والقيم الرفيعة والسلوك الصحيح فى عرفه وشروط عضويته والأسس التى يتبعها فى اختيار اعضائه والاشخاص الذين يتقلدون المناصب العامة فى الدولة نيابة عنه، ومهما كان الشخص فاسدا أو فاسقا وصاحب سلوك فاسد ومتقيح، فانه يستطيع أن ينتمى للحزب ويترقى فيه ويشغل أى منصب فى الدولة نيابة عن الحزب، خاصة إذا كان صاحب جماهيرية لأسباب عرقية أو جهوية أو طائفية، وأنه ليس هنالك وسيلة او مبرر لتطبيق المعايير الدينية والاخلاقية على مثل هذا الشخص، أو “التشدد فى المراجعة والمحاسبة وفق معايير الحركة (الاسلامية)” حسب رأى (الاسلامى) أمين حسن عمر، الذى يرفض حتى المعايير المائعة للحركة (الاسلامية) فى مراجعة ومحاسبة الفاسدين، دعكم من المعايير والمبادئ الاسلامية المعروفة !!
* بناءا على هذه المفاهيم الغريبة، التى تتناقض مع الشرائع السماوية والاخلاق والقيم الانسانية بل وابسط القوانين التى تشترط فى المتقدم لأصغر وظيفة عامة ألا يكون قد ارتكب جريمة تخل بالامانة والشرف، كما وانها تتواءم بشكل كامل مع الافكار والمفاهيم الميكافلية الدنيئة التى تبرر اللجوء الى أحط الوسائل للوصول الى الغايات، نستطيع ان نفسر لماذا انتشر الخراب والفساد فى اجهزة الدولة، ما دامت هذه هى نظرة الحزب الذى يدير الدولة، والحركة (الاسلامية) التى جاءت بالحزب، والتى سمحت بنشر هذه المفاهيم الغريبة فى مجلتها، بل ووزعتها على عضويتها حتى ترسّخها فى نفوس عضويتها وتنقل لهم رسالة واضحة المعانى، بأن حزب المؤتمر الوطنى له مطلق الحرية فى اختيار الأشخاص الذين يديرون الشأن العام بدون الأخذ فى الاعتبار المعايير الدينية والاخلاقية!!
* لقد وضع الدكتور أمين حسن عمر كل شئ على بلاطة، وطلب من الذين يبحثون عن المعايير الاسلامية والاخلاق الحميدة أو يطالبون بها، أن يبحثوا عنها أو يطالبوا بها فى حزب آخر غير المؤتمر الوطنى وبلد آخر غير السودان، أما السودان الذى تحكمه الحركة (الاسلامية) السودانية وابنها الشرعى المؤتمر الوطنى، فلا مجال للبحث عن المعايير الدينية والاخلاقية .. فشكرا له على صراحته التى جعلتنا ندرك أخيرا سبب الانحطاط الذى نحن فيه !!
الجريدة


تعليق واحد

  1. قال لقمان الحكيم (إذا أراد الله بقوم سؤا سلط عليهم الجدل وقلة العمل) وهو ما ينطبق علينا نحن في السودان نملك ألسنة حداد بينما أيدينا مغلولة عن عمل ما يفيدنا ويفيد بلدنا فالله المستعان.