الهندي عز الدين

تسجيل الأحزاب .. فوضى لا ديمقراطية !


حسناً فعلت الحكومة بتراجعها عن فكرة (رفع الدعم) أو زيادة أسعار بعض السلع الاستهلاكية مثل المحروقات، القمح والكهرباء، وذلك عبر الخبر الذي تم توزيعه لصحف محددة أمس، ويحمل تصريحات لوزير الدولة بالمالية رئيس لجنة الموازنة” عبدالرحمن ضرار “يؤكد فيها خلو موازنة 2016 من رفع الدعم عن السلع الإستراتيجية.
الغريب أن تصريحات ” ضرار ” (الموجهة (كشفت أن حجم الدعم انخفض – رغم عدم رفعه – من (11.4) مليار جنيه في ميزانية العام المنتهي 2015 ، إلى (9.2) مليار جنيه في العام 2016 .. !!
وهذا الانخفاض في حجم الدعم بواقع أكثر من (2.2) مليار جنيه، يؤكد ما ذهبنا إليه سابقاً في هذه المساحة من أن انهيار أسعار النفط والقمح عالمياً يريح الحكومة ويساعدها كثيراً في تقليل قيمة فواتير استيراد المحروقات والقمح ودقيقه .
في كل الأحوال، ما عاد المواطن يحتمل أي حديث أو فكرة دعك عن تنفيذها عن رفع دعم أو زيادة أسعار، و( الفيهو مكفيهو)، علماً بأن ارتفاع أسعار النقد الأجنبي في السوق الموازية يكفي وحده لإضافة أعباء معيشية ثقيلة يومياً على الفقراء والأثرياء على حد سواء.. مع اختلاف درجات الضغط ومستويات قهر التأثير .
2
في “السودان” حالياً (88) حزباً سياسياً مسجلاً لدى مجلس الأحزاب الذي يشغل مقعد الأمين العام فيه الدبلوماسي المميز السفير ” عبدالرحمن ضرار” ، وهناك نحو (20) حزباً قيد التسجيل !!
الكثير من هذه الأحزاب، كما كشفت متابعات وتحقيقات صحفية ومعلومات نعرفها كمراقبين للشأن السياسي في بلادنا، ليست لديها مقار ولا هياكل ولم تقم مؤتمراتها العامة .
حزب سياسي مسجل، عنوانه الدائم حقيبة جلدية (حايمة) في شوارع “الخرطوم” في يد رئيس الحزب الذي هو نفسه نائب الرئيس والناطق الرسمي باسم الحزب .
صحيح أن الدستور والقانون يسمحان بتسجيل أي حزب متى ما اكتملت بعض الإجراءات، ولكن يبدو أن الأمر أصبح مهزلة ومسخرة، والمطلوب إيقافها قبل تعديل القانون، وهناك أكثر من وسيلة وسبب .
على المجلس أن يوقف إجراءات التسجيل لبعض الوقت، لمراجعة أوضاع ومواقف الأحزاب الـ (88) المسجلة قبل أن يمنح الـ(20) الجديدة شهادة سجل، تماماً كما يتوقف استلام العرائض في بعض المحاكم بنهاية العام، أو كما تغلق بعض المحال التجارية أبوابها (للجرد السنوي) .
وجرد سجلات الأحزاب الوهمية يحتاج لعدة شهور، يجري خلالها شطب تسجيل الأحزاب المخالفة لشروط ممارسة العمل السياسي، بعدها تتم تصفية هذه الأحزاب إلى (25) حزباً مثلاً.. وخلاص .. معقولة ياخي أحزاب مافيها غير توقيعات أشخاص وشوية ورق ، وراجل ومرتو وأولادو؟!
في” أمريكا “الدولة الديمقراطية العظمى توجد (5) أحزاب رئيسية، و (13) حزباً صغيراً، بينما هناك حزبان فقط يتقاسمان باستمرار مجلسي النواب والشيوخ ويتبادلان مقعد الرئيس هما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، فكيف يكون في” السودان” نحو (100) حزب، بالتأكيد هي فوضى وليست ديمقراطية تفوق ديمقراطية الغرب .
ذات الشيء ينطبق على الصحف السياسية والرياضية، فالصحف التي لا تدفع الضرائب (ويتم غض الطرف عنها واستهداف أخرى)، والصحف التي لا تدفع التأمينات الاجتماعية رغم مخاطبات وإنذارات مجلس الصحافة في عهد أمينها الأسبق والسابق المستقيل، ولا تلتزم بحقوق العاملين، ينبغي أيضاً أن توقف، والمفروض أن يتوقف مجلس الصحافة عن التصديق لصحف جديدة، على غرار مجلس الأحزاب، ما دامت الحكومة ترى أن الصحف الموجودة أصلاً أكثر من اللازم وتسعى لدمجها.
من يريد الاستثمار في الصحف عليه شراء الصحف الصادرة والمتعسرة، أو شراء أسهم من المساهمين فيها..
وكفاية تسجيل ورسوم تسجيل .

المجهر السياسي