عبد الباقي الظافر

ولكن ضاقت بلاد بأهلها…!!


اختار الشاب محمد سليمان الشهير بـ«لكة» أن يموت واقفاً تحت سور دار القضاء بالقاهرة.. القصة بدأت قبل بضعة عشر عاماً..الشاب يغادر أهله وذويه في منطقة الكلاكلة بالخرطوم ميمماً وجهه شطر القاهرة.. تلك لم تكن سوى الخطوة الأولى في رحلة الشاب محمد سليمان نحو الغرب البعيد.. حينما اقترب محمد سليمان من الوصول إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة كان العوز وطول المسار قد هده.. من بين أرجاء القاهرة الواسعة اختار ذاك السور الذي يحيط بحصن العدالة ليموت من شدة البرد وقبل ذلك ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
قبل أيام كانت طائرة ضخمة تحمل مئات من السودانيين مقرنين في الأصفاد في طريقهم للخرطوم.. أولئك السمر لفظتهم المملكة الأردنية الهاشمية من ضمن ثمانمائة سوداني لجأوا للأردن كمحطة وسطى تأخذهم إلى المغارب البعيدة.. قبلهم كانت مصر أخت بلادي تقتل بضعاً وعشرين لاجئاً سودانياً.. يحدث ذلك وبلادنا تفتح أبوابها مشرعة للاجئين السوريين الذين يدخلون بدون حتى تأشيرات دخول.. حينما يهبطون الخرطوم يعاملون كمواطنين نتقاسم معهم لقمة العيش وضيق المسكن.
كان ذلك بعض من حال السودانيين الذين وضعوا قدماً في طريق الهروب.. في أحد مساجد محلية جبل أولياء المتاخمة لمحلية الخرطوم كان المصلون يؤدون صلاة الجمعة تحت حراسة الشرطة.. نقطة الخلاف أن المواطنين يريدون إماماً والسلطة تريد أن تفرض عليهم آخر.. في مسجد آخر يجد الإمام نفسه في ورطة حيث اتهم بالردة.. المتهم بالخروج من الدين رجل يرتاد المساجد ويصلي ويصوم ويزكي ويحج البيت إن استطاع.. اختلاف في تفسير نص يجعل الإمام «منشيت» للصحف.. جماعة أخرى تتعسف في تفسير القرآن الكريم ولكنهم يشهدون بأن لا إله إلاّ الله وأن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم رسول الله.. رغم ذلك يجدون من ينصب لهم فخ الردة.. في يوم المحاكمة يظهر ممثلون لسفارات أجنبية.. بعد تلك المحاكمات يصاب الوطن بوصمة جديدة.. الوصمة ليست في كفالة حرية التدين إنما التضييق على معتنقي المذاهب الإسلامية التي تخالف التيار العام.. التضييق وصل لدرجة تقديم لاعبي القوى إلى المحاكمة بتهمة ارتداء زي فاضح.
كل ذلك يحدث في موسم المصالحة الوطنية.. تفتح صالة كبار الزوار لاستقبال الناشطة تراجي مصطفى رئيس جمعية الصداقة مع إسرائيل ولكن قبل ذلك تغلق صحيفة التيار.. تعقد الحكومة مفاوضات غير رسمية مع الحركة الشعبية، وفي ذات الوقت يحاكم قادة من حركة الإصلاح الآن بتهمة الإزعاج لأنهم أقاموا ندوات في الشوارع.
بصراحة.. تحتاج بلدنا أن تمارس التفكير بصوت عالٍ.. لم تعد الآليات القديمة والسياسات المجربة والساسة الذين حكموا طويلاً قادرين على إحداث اختراق.. بات الوطن سجناً كبيراً محاطاً بأسوار عالية.


تعليق واحد

  1. انت متأكد انه المقال دا ما وقف الجريدة ؟؟
    يا ظافر بشة قال حيتولى ملف الاعلام بنفسه