الصادق الرزيقي

الحوار الوطني.. انتشال جنوب السودان.. الاتفاق الليبي


> من الواضح أن الحوار الوطني لن ينتهي في أجله المحدد، سيمدد ربما لشهور أخرى، فهناك تقدم حثيث من حيث الموضوعات والنقاشات في المحاور الستة، وهناك ملتحقون جدد ينضمون إليه كل يوم، بينما استيأس غلاة المعارضين من إخفاق وفشل هذه العملية السياسية الناجحة، وبدأ بعضهم يرسل إشارات ورسائل بقرب مشاركته في حال توفر ظروف معينة، كل هذا يلقي مسؤولية إضافية على عاتق الفاعلين السياسيين والأمانة العامة للحوار لجعل الطريق ممهداً وجاذباً لمن اعترض، في حال بدأت الأمانة العامة في توضيح نوع النقاط المتفق عليها في كل اللجان والمحاور، وإماطة اللثام عما يجري داخل اللجان من حوار حقيقي ونقاشات حامية حول حقائق الأزمة الوطنية وكيفية تجاوزها، كلما كان ذلك بؤرة جذب قوية التأثير على المعترضين المتمسكين حتى اللحظة بما يسمى المؤتمر التحضيري، وغير بعيد عن هذا أن البيئة الإقليمية والدولية التي تتابع وتراقب ما يدور باتت على قناعة شبه كاملة بدنو الحوار من تحقيق أهدافه، وستشهد الفترة المقبلة تمخضاته النهائية وميلاد واقع سياسي جديد في السودان. وقد يقول قائل إن بعض المشاركين في عملية الحوار من أحزاب وحركات، جلهم من الواقفين على الهامش السياسي، لا وزن لهم في الميزان الشعبي والجماهيري، لكن الحقيقة ليست في هذه اللحظة بالأحجام بقدر ما هي بالنتائج والأفكار والخلاصات النهائية.
> على الأمانة العامة للحوار الاستفادة من المبادرات الشعبية من المنظمات الأهلية وقطاعات المجتمع الفاعلة التي صممت لإسناد ودعم الحوار، وأن يخرج التفاعل مع هذه المبادرات من قاعة الصداقة إلى فياح الوطن كله، وقد كانت هناك أعمال من هذا النوع في بعض الولايات لكنها ليست كافية، ولماذا لا تعمل الأمانة العامة مع مجلس الوزراء لتخصيص يوم خاص كل أسبوعين في مواقع العمل في القطاع العام شبيه بيوم الخدمة المدنية لطرح قضايا الحوار الوطني والمجتمعي؟
انتشال جنوب السودان
> بالرغم من أن شكوكاً كثيرة تُثار حول قدرة الاتفاق الهش بين حكومة جنوب السودان والمعارضة بقيادة د. رياك مشار، على الصمود والبقاء، إلا أن الخطوات التنفيذية بوصول وفود المقدمة توطئة لعودة مشار هذا الأسبوع تنبي ببعض الأمل ببصيص خافت، فهناك عقبات كبيرة تعترض هذا الاتفاق، فمازالت القوات اليوغندية موجودة في دولة الجنوب، كما أن المعارك مازال رحاها يدور في مناطق أعالي النيل الكبرى، وتشهد الاستوائية توترات غاية في الخطورة، إضافة للصف المتصدع بجانب الرئيس سلفا كير.
> فهل تفلح القوى الإقليمية والدولية التي رعت اتفاق جنوب السودان في توفير الضمانات الكافية لنجاحه، خاصة أن التركيبة السياسية والعسكرية في هذه الدولة الجديدة مازالت معقدة وقابلة للانفجار في أية لحظة!!
> إذا كان التململ الداخلي في جنوب السودان قد بلغ مداه الأقصى مع شبح الانهيار الاقتصادي الناشب أظفاره في جسد الدولة الذي سيكون عاملاً مضافاً لتوقعات فشل الاتفاق وإخفاقه، فعلى هيئة «إيقاد» ودول الإقليم بذل مساعي إضافية لجعل تطبيق الاتفاق ممكناً وسلساً وسهلاً، فهناك جهات عديدة تتوقع نكوص الطرفين عن تعهداتهما، الأمر الذي سيقود إلى فتنة جديدة ستقضي على الأخضر واليابس.
نحن أولى
> ربما فاتنا أن نسمع موقف حكومتنا من الاتفاق الذي تم بشأن الأزمة الليبية وتوقيع الأطراف الرئيسة على اتفاق الصخيرات المغربية مع وجود مسار آخر في فالتا المالطية، مهما يكن فنحن أولى الناس بما يدور في الجارة ليبيا، ويعنينا كثيراً تحقيق الاستقرار والسلام وتشكيل حكومة وفاق وطني ليبي تنهي سنوات من الموت والخراب في هذا البلد الجار، خاصة أننا نعلم وجود الحركات الدارفورية المتمردة في ليبيا تقاتل إلى جانب أحد الأطراف، وتقوم بأعمال النهب والسلب وقطع الطرق، مستغلة الوضع الراهن وغياب الدولة هناك، خاصة في الجنوب الليبي والجنوب الشرقي.
> لقد لعب السودان دوراً بارزاً في الأزمة الليبية ضمن دول جوار ليبيا، وبذل جهوداً كبيرة في التسوية التي جرت في مراحلها المختلفة، وقدم كل خبرته وعلاقاته واتصالاته مع الأطراف الليبية المختلفة لتأمين سلامة الاتفاق، فموقفه يجب أن يكون واضحاً في سوق الكسب السياسي.