مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : الحرب و الخرب إلى مرحلة جديدة


> هل يمكن أن نقول بأن مجلس وزراء الانتخابات الأولى في الجمهورية الثانية بعد انفصال الجنوب قد نجح بجدارة من خلال خطط بعض وزاراته في تحقيق السلام وإنجاز موازنة خالية من رفع الدعم عن السلع الرسمية المهمة؟.
> والمشهد في مناطق الحروب مثل تلك السحابة التي خاطبها أمير المؤمنين في الدولة العباسية هارون الرشيد وهي راحلة عن بغداد.
> وكان الخليفة العباسي يخاطبها قائلاً: أمطري حيث شئت، فإن خراجك سيأتيني. وفي الوقت الذي تحرض فيه القوى الأجنبية حركات التمرد على التعنت في مفاوضات السلام لإطالة أمد الحرب لكي يستمر أعداء الوطن وكل إفريقيا الغنية في جني ثمار التآمر.. في هذا الوقت تُبطل انتصارات القوات المسلحة مفعول هذا التحريض الأجنبي (يعني تقطعو ليهم في روسينم).
> وبانتصارات القوات المسلحة، لم يصبح أمام المتمردين إلا الفرار إلى أديس أبابا للجلوس مع وفد الحكومة للتفاوض.
> وهذا يعني أن مجلس الوزراء الجديد ممثلاً في وزارة الدفاع، قد استطاع اختراق تحريض القوى الاجنبية لاستمرار الحرب والخراب.
> وتخيل لو كانت الحكومة رافضة لعملية التفاوض بعد أن وقعت تحت الرعاية الدولية والإقليمية على اتفاقيتي نيفاشا والدوحة.. و راهنت على الانتصارات العسكرية.
> طبعاً بعد الهزائم التي تلقاها المتمردون كانوا سيصيحوا بأعلى صوت أن الحكومة السودانية حكومة حرب ولا تريد السلام.
> لكن كيف تكون حكومة حرب لا تريد السلام وقد وقعت على ابوجا والشرق والقاهرة ونيفاشا والدوحة؟؟.
> من يريد الحرب إذن؟ ومن يستفيد منها بعد أن رعت القوى الدولية وعلى رأسها واشنطن وأشرفت على كل هذه الاتفاقيات؟.
> لقد بدأ التمرد أصلاً بمطالب لصالح أقاليم معينة ليست أقل حظاً من غيرها في التنمية والخدمات لأسباب تاريخية معروفة.
> لكن انتقل التمرد من كونه صاحب مطالب إلى وضع آخر.. بدليل أن القوى الأجنبية بدلاً من أن تتساءل عن اتفاقيات رعت التوقيع عليها وأن كيف التمرد يستأنف بعدها وهي معترف بها دولياً.. راحت ترسل دونالد بوث لكي يقوم بمهمة نسخها. لكن الانتصارات العسكرية التي تعكس قوة وكفاءة وانضباط القوات المسلحة، هزمت إرادة التآمر الأجنبي.. فانشقت الجبهة الثورية (تحالف التمرد)، بعد معركة قوز دنقو بصورة عملية.. وقد فسر هذا الانشقاق العملي في البداية اختلاف المواقف في اجتماعات باريس.
> وهذا الاختلاف سيجعل الاجتماع بأريس واحداً مما سيشكل منطلقاً قوياً لطرفي الجبهة الثورية للتوجه الى حيث مفاوضات السلام وقبول خيار السلام.
> وأصلاً قرار استمرار الحرب في افريقيا مستمر.. قرار أصدرته القوى الأجنبية بقيادة واشنطن بعد أن نالت القارة استقلالها من الاحتلال الأوروبي.
> فلتجلس الجبهة الثورية للتفاوض.. لتفتح الطريق لمتمردين جدد.. فقرار استمرار الحرب والخراب مستمراً.
> ومثل عرمان يمكن أن يقول في استياء وعدم استحياء أن التمرد سواء انهزم في الميدان أو لم ينهزم، فإن فرصته في الجلوس للتفاوض والوصول الى اتفاق دائم متوفرة وقائمة.
> لكن نقول إذا انهزم في الميدان فكيف ستغطي القوى الأجنبية تكلفة دعمها له طيلة السنوات الماضية؟؟.
> و قد تلاحظ أن القوى الأجنبية بعد أن رفعت يدها من حركة مناوي باعتبارها غير مجدية وأنها يمكن أن تحارب بميزانية الجبهة الثورية.. فكر مناوي في التخلص من أعباء الانفاق على جنود حركته بجرهم الى الحرب الليبية. فهل ينوي مناوي أن يعيد جنود حركته بعد أن ينتهي أمر الحركة الشعبية قطاع الشمال إلى التوقيع على اتفاق مع حكومة البشير؟.
> فإن مناوي كأنه يراهن على قرار القوى الأجنبية باستمرار الحرب والخراب في إفريقيا من خلال بعض سكانها.. وكأنه ينتظر ويدخر جنوده في ليبيا لمرحلة جديدة.
> وبالطبع فإن القرار الأجنبي يشجع على ذلك.. لكن السودان يمكنه أن يطلق حواراً إفريقياً تكون نواته بين دول البحيرات العظمى لتقوية إفريقيا أمام التآمر الخارجي المخدوم بعناصر إفريقية.
غداً نلتقي بإذن الله…