منى ابوزيد

في الاحلال والابدال ..!


«الاستبداد لا يقاوم بالشدة، إنما يقاوم باللين والتدرج» .. عبد الرحمن الكواكبي!
(1)
بعض المفكرين أرجعوا ظاهرة الاستبداد السياسي في العالم العربـ سلامي إلى ضعف المسوغات الشرعية التي نهض عليها مبدأ ولاية العهد، وبيعة أهل الحل والعقد، منذ حادثة السقيفة في صدر الإسلام، وحتى عصر توريث أنجال رؤساء حكومات الديمقراطيات العربية..!
وهو زعم ينطلق من فكرة عدم تعيين رسولنا الكريم لخليفة من بعده، وهو دليل دامغ على ضرورة اجتهاد المسلمين في آلية اختيار وتعيين من يحكمهم، وعلى أن ولاية العهد بحسب التاريخ الإسلامي ليست أكثر من انحراف مدروس، وخرق لمبدأ تداول السلطة في المجتمع الإسلامي، الحافل بصور الاستبداد غير العادل! .. التاريخ السياسي للمجتمعات العربـ سلامية الذي يدور في مجمله حول نجومية الأفراد وكاريزما الشخصيات القيادية ـــــ في ظل غياب المؤسسات السياسية ـــــ يثبت ذلك ويدلل عليه ..!
(2)
شجرة الدر التي حكمت مصر بين حكم زوجين تحدثت بحماسة عن تأثير مناخات العلاقة الزوجية على سياسات حكم الدول .. أنيس منصور أيضاً تحدث عن انقلابات أنظمة الحكم تبعاً لـ (تَقلُّبات) العلاقات الزوجية .. منظمة تنمية حقوق المرأة في كينيا التي تتبنى ذات الفلسفة السياسية أطلقت قبل نحو عامين يوم أن تصدرت خلافات شريكي الحكم في كينيا أخبار وسائل الإعلام العالمية – حملة (امتناع) عامة ..!
دعت المنظمة المذكورة الزوجات الكينيات بمن فيهن زوجتا شريكي الحكم – وقتها إلى استخدام الحقوق الزوجية كورقة ضغط على الأزواج/ الساسة، خوفاً من تكرار سيناريوهات العنف التي كادت تفتك بالبلاد قبل سنوات..!
وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن حلبة السياسة في إفريقيا هي مسرح الرجل الواحد .. حيث يدير الحاكم بأمره دفة تقرير المصير، وفقاً لأحوال مزاجه العاطفي، وتقلبات مناخه الزوجي ..!
(3)
الثورة ــــ مطلق الثورة ـــ وبزاوية مائلة عن تعريفات المعاجم النمطية، هي عملية إحلال وإبدال سياسي .. ثمرة جهود إنسانية حثيثة لإزالة حالة/ تغيير حال معينة، يرى الثوار – والعهدة على الثائرين – أنها من الظلم بحيث تستوجب الخروج عليها ..!
وبزاوية نظر حادة، الثوار ــــ وليس حملة السلاح! ـــــ في نهاية الأمر، هم فئة باغية على وجه ما .. بغت وتمردت على أولي الأمر .. ثم قضت عليهم .. قبل أن تحل محلهم ..
أما عن البطولة السياسية، فكل ما تحتاجه للتفريق بين العمالة والنضال الوطني هو استبدال بطاقتك الباهتة بعضوية أي كيان سياسي، ومن ثم استبدال أطماعك المادية الفجة، بأطماع السياسة وشهوة السلطة، المتسربلة بسرابل الوطنية والديموقراطية ..!
عندها وعوضا عن الذهاب إلى سجون بلادك منكس الرأس، سوف ترفع رأسك، من منفاك الاختياري مجاهراً بتعاونك مع الآخر .. وعوضا عن الموت بمذلة ـــــ مصير أعداء أوطانهم ــــ سوف تكتب عن تعاونك الذكي، فصلاً «كارباً» من مذكراتك السياسية ..!