زهير السراج

سُك الكضاب لي خشم الباب!!


* صوّب وزير الكهرباء ـ حسب زميلتنا القديرة مها التلب في عدد الأمس ـ انتقادات عنيفة للصحفيين بسبب تناولهم لمشكلة برمجة قطوعات الكهرباء خلال فصل الشتاء، وقال إن الوزارة تدفع (قروش) للإعلان بالصحف عن برمجة القطوعات بسبب الصيانة، ورغم ذلك ينتقد الصحفيون القطوعات في نفس العدد من الصحيفة الذي يُنشر فيها الإعلان، (وهو يقصد أن الصحفيين لا يقرأون الصحف، ولو فعلوا لعرفوا سبب برمجة القطوعات وما انتقدوها، الكاتب)، وعلّق أحد الصحفيين بأن المواطنين يشتكون اليهم، وأن الصحفي يمثل المواطن فيما يكتب، فرد عليه الوزير قائلاً:” هل انتخبكم المواطن عشان تتكلموا بي اسمو؟”
* دار هذا الجدل في المؤتمر الصحفي الذي أعقب انتهاء اجتماعات اللجنة السداسية لبحث أزمة سد النهضة الإثيوبي أول أمس الثلاثاء، ولا أريد هنا الخوض في موضوع يعرفه الجميع، ولا يخفى على السيد الوزير، فالصحافة مرآة الحقيقة، وهي تعكس ما يدور في المجتمع وتنقل آراء الناس بدون الحاجة إلى أن تكون منتخبة من أحد، وعليها أن تمارس هذا الدور بكل مسؤولية ومهنية وشجاعة، وعلى الصحفي الحر ألا يخشى شيئاً في الحق، ولا ينافق ولا يهادن ولا يسئ لأحد، ولكنه ـ مثل كل البشر ـ يمكن أن يخطئ، وأن يحاسب على الخطأ، حسب القانون الطبيعي العادل، وليس قوانين القمع والكبت والإرهاب، أو تقييد قلمه وفمه وحريته، وإذا لم يحتمل المسؤول أو الشخص العام الانتقاد والسؤال حتى ولو بُنيا على خطأ، فليترك المسؤولية العامة ويجلس في منزله، أو يؤسس عملاً خاصا به يتصرف فيه كما يحلو له، ولن يجد من يسأله عنه مهما فعل الا إذا ارتبط بشأن عام، وما دام المهندس معتز موسى يتقلد منصباً عاماً، ويتولى شأن وزارة الكهرباء فعليه أن يتوقع الكثير من الأسئلة والانتقادات، خاصة مع المشاكل التي يشهدها قطاع الكهرباء!!
* أسأل السيد الوزير الذي رد بغضب على انتقاد الصحفيين لبرمجة القطوعات خلال فصل الشتاء، “بأن العادة قد جرت على إجراء الصيانة في قطاع الكهرباء في فصل الشتاء منذ عام 1908″، وأتفق مع سيادته، فالاستهلاك ينخفض بشكل كبير في هذا الفصل، مما يُمكّن من إيقاف بعض الماكينات لصيانتها حسب البرنامج المعد لذلك، ولكن بدون أن يتأثر الإمداد الكهربائي وبدون قطوعات مبرمجة، أو حتى غير مبرمجة إلا ما ندر، ولقد شهدت السنوات السابقة استقراراً كبيراً في انسياب التيار الكهربائي في الشتاء وفي غير الشتاء، ولم تكن هنالك قطوعات مبرمجة، فهل كانت الصيانة متوقفة، أم ماذا؟!
* يعلم الجميع بالعجز الكبير في الإمداد الكهربائي، فكل المحطات الكهربائية في البلاد بدون استثناء عاجزة عن الوصول الى الإنتاجية المطلوبة منها، فالطاقة التصميمية لسد مروي التي (فلقت) بها الحكومة دماغنا وبذلت لنا الكثير من الوعود بسببها 1250 ميجاوات، بينما لا ينتج السد في أحسن حالاته أكثر من 800 ميجاوات، بالإضافة إلى معاناته من بعض الأعطال الآن، والشعب يريد أن يعرف سبب هذه الإنتاجية المنخفضة، وأين ذهبت الوعود التي بذلتها له الحكومة، وما هو سبب الأعطال الحالية؟!
* مثال آخر: محطة بحري الحرارية بها 5 توربينات معطلة من 6، وهي لا تنتج سوى 50 ميجاوات، بينما من المفترض أن تنتج 300 ميجاوات، فما هو سبب توقف هذه الماكينات والأعطال التي أصابتها في وقت واحد، وهو هو بالفعل ما ذكره زميلنا الكاتب الصحفي القدير (محمد وداعة) من قبل بأن العديد من محطات الكهرباء يديرها أشخاص ليست لهم علاقة بالكهرباء مثل خريجي الديكور والإنتاج الحيواني والبيطرة، أم ما هو السبب؟!
* مثال ثالث: خزان الرصيرص لا ينتج سوى 200 ميجاوات، بينما من المفترض أن ينتج 300 ميجاوات بعد التعلية، فأين ذهبت التعلية، وما هو الخلل؟!
* سيدي الوزير، لدي الكثير من الأمثلة، ولكن لا أريد أن أزعجك بالأرقام التي تعرفها أكثر من أي شخص، وتعرف أن الإمداد الكهربائي ضعيف لأسباب فنية وأعطال جوهرية، وهو سبب برمجة القطوعات، وليس الصيانة الدورية الشتوية، ولا يخفى عليك أن تذمر الناس سببه التعتيم المستمر الذي تمارسه أجهزة الدولة عليهم، والأحلام الوردية التي تزين بها الحكومة حياتهم بدون أن يكون لها أي أساس، ولدينا مثل شعبي يعرفه الجميع، ليس مقصوداً به أي شخص أو جهة، ولكنه يعبّر عن الحالة التي نعيشها والوعود التي تُبذل لنا بدون أن تتحقق وهو: (سُك الكضاب لي خشم الباب).. ويبدو أننا قد وصلنا أخيراً إلى الباب!!
الجريدة


تعليق واحد

  1. أسوء وزير مره على هذه الوزاره وأفكاره محدودة جداً لبيته عرف قدر نفسه وغادر