منوعات

دار الشاعرة ميمونة.. دهليز دائم لجمع التراث واحتفالات الاستقلال.. سودان مصغر


يزخر التراث السوداني بكثير من الموروثات والمقتنيات التي انتشرت بكثافة لتلائم البيئة البسيطة، خاصة حياة الحل والترحال، وظلت حاضرة في الكثير من البيوت من حلفا إلى نوملي ومن أهم أدوات المراحيل، ولم تقتصر على حياة الرحل وحدهم، بل تمددت إلى الأرياف والمدن، باعتبارها جزءاً من مكونات البيت السودانى البسيط، بوصفها من أدوات الزينة عند بعض الأسر المتمسكة بالتراث.
وفي ظاهرة نادرة الحدوث بسكان الأحياء الراقية، برزت السيدة ميمونة أحمد علي سعيد كجامعة للتراث السوداني بكافة مكوناته بمنزلها الكائن بضاحية المهندسين، بجانب تنظيم معرض مستمر بشارع النيل قبالة قاعة الصداقة بالخرطوم.
كل المكونات موجودة
يتوفر منزل الشاعرة ميمونة على عدد من مكونات التراث على غرار العنقريب، الجرتق، المندولة، القدح، المشلعيب، التبروقة، الكلول، القرعة، البخسة، المرحاكة، والطباقة، القفة، الشرقانية، صينية الجرتق، السحارة، تربيزة غسيل العدة بطريقته التقليدية، والثياب التي من أهمها (توب الزراق) الذي اندثر في الوقت الحالي، بجانب وجود العروسة، البروش، عدة الجبنة القديمة في كل ولايات السودان شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.
ورثة الأجداد
وفي السياق، تقول الشاعرة ميمونة لـ (اليوم التالي) إنها ظلت وعلى مدى (20) عاماً تعمل على جمع التراث السوداني بمختلف مكوناته ومن جميع ولايات السودان. وأضافت: ورثت بعض الأشياء من أجدادي وعملت على الاحتفاظ بها مع إضافة الجديد من أدوات التراث. وأردفت: بالنسبة لي فإن الأمر يمثل هواية ورسالة ثقافية أعمل على توصيلها للأجيال أكثر من كون الحصول على أرباح نظير تقديم المنتجات للناس. واستطردت: وجدت أدوات التراث قبولاً منقطع النظير من قبل الكثير من المهتمين داخل وخارج السودان، وقد شاركت في أعياد الاستقلال على مدى سنوات عديدة، بجانب إنني شاركت في حملة ترشيح رئيس الجمهورية المشير عمر البشير الأخيرة.
معرض متكامل
معرض ميمونة الموسوم بـ (تراث النيل) يقع قبالة قاعة الصداقة، وفي الأثناء قالت ميمونة إنها حرصت على أن يكون الاستقبال الخارجي للمعرض في هيئة (خيمة) متكاملة لاستقبال الضيوف، وقد زودته بالبروش البيضاء والملونة وأنواع من البنابر والمقاعد الجلدية المختلفة للجلوس. وأضافت: عملت على توفير كافة معدات شرب القهوة السودانية من (جبنات) وسكريات و(مباخر) فخارية، إضافة إلى وضع عنقريب (الجرتق) المتعارف عليه في كافة مناطق السودان و(الحق) وصحن (الباشري) للحنة و(القرمصيص)، بجانب العديد من المصنوعات السعفية مثل الأطباق والبراتيل، وغيرها، وكشفت ميمونة عن إقبال كثيف يجده المعرض، حيث نال استحسان الأجانب خاصة البحرين والسعودية وقطر وتشاد وجزر القمر، مشيرة إلى أنها دأبت على المشاركة في معارض التراث من بينها معرض الأحاجي السودانية. وأردفت: قمت بتقديم كافة أدوات المعرض لمدرسة بشير العبادي لكي يحتفلوا بالاستقلال هذا العام.
شاعرة مجيدة
لم تتوقف اهتمامات ميمونة عند جمع التراث فقط، بل تعدته إلى كتابة الشعر، فهي شاعرة مجيدة قدمت عدداً من القصائد الوطنية من بينها (السودان حنون)، بجانب قصائد للوحدة والسلام في السودان علاوة على كل الأحداث الجارية في البلاد، فضلاً عن أشعار رثاء في وفاة زوجها على غرار (تؤام روح) (أسف ياقلب)، وعن ذلك تقول إنها تتطلع والي جانب جمع التراث إلى كتابة متواصلة في الشعر.
جلنار عاشقة للتراث
من جهتها، تقول ابنتها جلنار خليل بشير إنها تعشق التراث من واقع وجود أدواته في المنزل. وأضافت: والدتي حببت إلى فكرة جمعه ومعرفة تفاصيله، وأنا بدوري منذ الصغر تستهويني الأدوات التراثية، وسأعمل على مواصلة هواية والدتي حتى في منزلي المستقبلي.
هندية في السودان
من ناحيتها، تقول ابنتها هندية خليل بشير: التراث من أجمل مكونات الطبيعة السودانية، وهو محبب للكافة على اختلاف العادات والتقاليد. وتضيف: في كل ولايات البلاد يتنوع التراث ويزدان بالجمال الأخاذ والطريقة الجميلة في العرض. وأردفت: رغم أننا نسكن في العاصمة الخرطوم وفي أحد أرقى الأحياء الأمدرمانية، إلا أننا نمتلك ثقافة مهولة عن جميع ولايات السودان، ونحرص على التواضع والاهتمام بتراثنا الأبي. واستطردت: سأواصل فيما بدأته والدتي وسأعمل على جمع التراث القديم منه والجديد.

اليوم التالي