مقالات متنوعة

محجوب عروة : المعادن والمنطقة الحرة (2)


تحدثت أمس عن أهمية أن ننصرف الى تقديم رؤى واقعية لإصلاح حال السودان سياسياً واقتصادياً بدلاً عن منهج الاحتفالات بالاستقلال أو الخلافات والصراعات أو جلد الذات بسبب الفشل الذي لازمنا كلما جاءتنا مناسبة عيد الاستقلال واقترحت اأن نؤسس لبنك المعادن باعتبارها قفزت للمقدمة فى دعم الاقتصاد حيث أننا في أشد الحاجة لتمويل هذا القطاع الحيوي ووقف التهريب الذي يخسّر البلاد حوالي اثنين مليار دولار سنوياً حسب حجم الإنتاج الكلي ثمانين طناً ناقصاً ما يصدره البنك المركزي ۲٥ طناً. ووعدت أن أكتب اليوم للمرة العاشرة مصرّاً على قناعتي بتحويل كل ولاية البحر الأحمر لمنطقة حرة، وهذه حيثيات الاقتراح وأهميته لدعم الاقتصاد السوداني وتقويته وتطويره من خلال سياسة(مسار النمو السريع) -fast track growth – خاصة وأن قطاعي الزراعة والصناعة ما زالا يعانيان ولا أتوقع قريبا نموهما بالصورة المطلوبة للأسف الشديد لأسباب يعرفها الجميع بعد أن فشلت سياستي النفرة والنهضة الزراعية كلفتنا مئات الملايين من الدولارات!؟؟
هذا اقتراح ابتدرته وشاركتني في إعداده زميلتي في اللجنة الاقتصادية للحوار الوطني الدكتورة أفراح أمين لإنشاء وقيام منطقة حرة في كامل ولاية البحر الأحمر لتكون جاذبة لكافة الاستثمارات وينطلق الاقتراح من الميزة التفضيلية التي يتمتع بها السودان بموقعه الجيواستراتيجي الفريد باعتبار ساحله وموانئه تقع في موقع متميز إقليمياً ودولياً مفيد اقتصادياً وتجارياً للسودان ولدول وشعوب الخليج والقرن الأفريقي كان منذ مئات السنين خاصة للدول المغلقة بحرياً، كما يقع ساحل السودان بطوله الذي يبلغ حوالي ثمانمائة كيلومتر في الطريق البحري الدولي من أقصى الشرق الى أوروبا إضافة الى دول وشعوب شمال أفريقيا خاصة بعد حفر قناة السويس، كما يجاور أهم دول الخليج التي تتمتع باقتصاديات كبرى تتطلع الى أسواق دول أفريقيا وربما يكون الطريق البري عبر السودان أهم طريق لها وبديلاً إذا أغلقت قناة السويس مستقبلا كما حدث سابقاً في حرب يونيو ۱۹٦۷ لسنوات. إضافة الى ولاية البحر الأحمر يستحسن إنشاء سوق حر بمدينة الجنينة ليربط السودان مع غرب أفريقيا حتى المحيط الأطلنطي فالأميركتين، إضافة الى مدينة كوستي كسوق حر ليربط السودان مع الجنوب والدول من حوله التي لا منفذ مباشر لها على البحر.. يضاف الى ذلك
أن من أكبر المشاكل والتحديات الحالية هو الحصار الاقتصادي الدولي الجائر على السودان وعدم اندماجه في الاقتصاد العالمي في ظل العولمة مثل الدخول في منظمة التجارة العالمية، وكذلك الضعف الهيكلي لاقتصادنا وضعف الإنتاج والإنتاجية في كل القطاعات الحيوية كالزراعي والصناعي، وضعف الصادرات وضعف النظام المصرفي وضعف موارد الميزانية وضعف الاستثمارات، بل عزوف كثير من المستثمرين لأسباب عديدة منها المعوقات البيروقراطية السلحفائية وسوء مناخ الاستثمار ولعدم الاستقرار والحروب الأهلية المفروضة وغياب السلام وعدم توفر الحاضن والإطار السياسي السليم لعدم تحقق التوافق والتراضي الوطني، ثم لشكاوى المستثمرين بعدم تحويل الأرباح وصعوبة التطوير لكثرة القيود فى التعامل بالنقد الأجنبي وغير ذلك من معوقات كثيرة معروفة للجميع على رأسها ضعف الاصلاح المؤسسى.. اذن لابد من اتخاذ قرار واضح وصارم ينفذ وليس كما سبق منذ سنوات بالتردد فى تحويل كل ولاية البحر الأحمر الى منطقة حرة بالكامل والاكتفاء بمساحة صغيرة ضعيفة الأثر، وذلك من اجل انشاء مناطق تجارية وصناعية وتخزينية فى مساحات واسعة ذات جدوى اقتصادية للمستثمرين ولتقديم كافة الخدمات خاصة المصرفية والمالية والتأمين وللشركات العالمية المعتبرة في كافة المجالات كالتجميع وصناعة الحواسيب ونظم المعلوماتية قرب الأسواق ولخدمات وصناعة تكرير وتموين السفن وانشاء مناطق عقارية لمكاتب الشركات والسكن ومناطق سياحية جاذبة للسواح..