تحقيقات وتقارير

اقتصاد دولة الجنوب… الاحتراق بنيران النفط


رتفعت نسبة التضخم بدولة جنوب السودان الى 109% وزادت الأسعار بنسبة 40% هذا الشهر. ووفقاً لصحيفة “ميل آند غرديان افركا” فإن مكتب الإحصاء الوطني كشف عن ارتفاع نسبة التضخم إلى 109% وسجلت أسعار الطعام والملابس والكحول والمشروبات المرطبة وجميع مستلزمات الحياة إلى مستويات جنونية. وقال المكتب إن التضخم ارتفع من 73% في شهر نوفمبر إلى 109% في شهر ديسمبر، وقالت الصحيفة إن الأسعار التي تصاعف هذا الشهر عكست كيف أن الدولة الوليدة باتت تحترق بنيران النفط وذلك أن الاحتراب الداخلي والذي استمر لأكثر من عامين أدى إلى تقلص إنتاج النفط لأكثر من النصف هذا فضلاً عن الصداع العنيف جراء انخفاض أسعار النفط عالمياً.

إجراءت اقتصادية مؤلمة

وقالت صحيفة الأندبيندت الأوغندية في تقرير بعنوان خطوة جيدة … خطوة سيئة قالت إن قرار دولة جنوب السودان تعويم عملتها جاء متطابقاً مع إجراءات اقتصادية مؤلمة انتهجتها دول أخرى تنتج مزيج برنت والذي ظلت أسعاره تراوح مكانها منذ أن انخفضت بنسبة 70% من سعره في العام 2014م وأضافت بأن دولة أنغولا ثاني أكبر منتج للنفط في افريقيا قامت بتخفيض قيمة عملتها مرتين كما قامت كازخستان بتعويم عملتها بينما سمحت لتجارها الذين يستوردون البضائع من روسيا وكلومبيا بالحصول على أسعار تشجيعية للعملة الأجنبية من الحكومة

ويقول بير هلرملوند المحلل الاقتصادي بمعهد التقييم الاستراتجي للأسواق الناشئة في ستوكهولم أن دولة الجنوب تعتمد بشكل كامل على النفط وقرار تعويمهم للعملة يعكس بشده الضغوط التي تواجهها الدول المنتجة للنفط والعبء في أسعار النفط هو”المسمار الأخير في النعش”إلا أن السؤال الذي لا يزال يطرح نفسه بقوة يتمحور حول جدوى تخفيض قيمة العملة ويرى بعض المحللين أن ذلك يعتمد وبشكل كبير على المجموعات التي يشملها القرار وماذا سيفعلون ومثال لذلك فإن الحكومات لديها اهداف مختلفة عن أهداف الأفراد والشركات والمؤسسات ففي السنوات الأخيرة حاولت الولايات المتحدة الامريكية فرض ضغوط كبيرة على الصين من أجل تحسين قيمة اليوان الصيني إلا ان الصين أظهرت تراخياً كبيراً في إنفاذ متطلبات الولايات المتحدة الأمريكية وظلت محتفظة بقيمة منخفضة لليوان الصيني نسبياً وتتساءل الصحيفة قائلة إن قيمة الجنيه السوداني تقدر بـ5.8 دولار فهل هذا يعنى أن الاقتصاد السوداني أكثر تعافياً من الاقتصاد الجنوب سوداني؟

ركود عميق

وتمضي الصحيفة قائلة إنه قانون اقتصادي أساسي يسمى بقانون العرض والطلب وفي الحقيقة فإنه أكثر تعقيداً من التعامل به وعليه فإن المحللين الاقتصاديين بسطوا القانون بالقول بأن سعر الصرف في السوق الحر يعتمد على كمية البضائع التي يتم التبادل بها تجارياً وحركة هذه البضائع بين البلد وشركائه التجاريين فمثلاً الصين تعتبر سوقا اقتصادياً يعتمد على الصادرات وذلك يعني أن صادراتها تفوق وارداتها ولذلك فهي تجلب المزيد من الدولار الى الصين وبذلك يغرق السوق بالدولار الأمريكي ويزداد الطلب على اليوان الصيني وعلى النقيض من ذلك فإن اقتصاد دولة جنوب السودان يعتبر اقتصاداً يعتمد على الواردات وذلك أنها تستورد معظم السلع والخدمات من شرق افريقيا بأكثر من النفط الذي تصدره وهذا يترتب عليه مزيد من الطلب على الدولار لأن رجال الأعمال يشترون الواردات بالدولار الأمريكي كما أن ازدياد الطلب على الدولار يزيد من سعر الصرف وهذا ما يجعل الاقتصاد المستورد أكثر ركوداً من الاقتصاد المصدر

ليبرز السؤال المفصلي هل تعويم الجنيه خطوة جيدة أم سيئة؟ والإجابة بحسب الخبراء الاقتصاديين أنه يخلق تفاوتا فى ميزان المدفوعات لدولة مثل دولة جنوب السودان والتي تستورد معظم السلع الهامة مثل مواد الغذاء والبناء الامر الذي يجبر التجار على دفع مزيد من الجنيه الجنوبي الأمر الذي يؤدي الى مزيد من الانخفاض في قيمته الحقيقية كما أن المواد المستوردة تكون أكثر غلاء بالنسبة للمستهلك الجنوبي مما يجعل الأمر يتكرر بشكل دوري إلى حين تعافي الاقتصاد

الصحية