مزمل ابو القاسم

الفارغة والمقدودة


* أحد أبرز المآزق التي تواجه مؤتمر الحوار الوطني تتمثل في أنه انطلق قبل تحديد أجندته بدقة، على الرغم من أن الرئيس البشير اقترح له بدءاً أن يتضمن أربعة محاور، ارتفعت لاحقاً إلى ستة.
* يفترض في المؤتمر أنه معني بمناقشة ملفات السلام والهوية والاقتصاد والحريات الأساسية والعلاقات الخارجية وقضايا الحكم.
* لم تتولَّ أي جهة أو لجنة تحضيرية مهمة التشاور مع سكرتارية المؤتمر والجهات المشاركة فيه، لوضع مؤشرات أو ضوابط تحكم الكيفية التي تتم بها مناقشة تلك القضايا، ونعتقد أن ذلك تسبب في حدوث حالة توهان لبعض اللجان المهمة، لأن ما حدث في القاعة خلال الأيام السابقة يؤكد أن بعض المتحاورين (راح ليهم الدرب)!
* لجنة مهمة، كلجنة الحريات والحقوق الأساسية، أهدرت جانباً مقدراً من زمنها في مناقشة قضايا انصرافية، تتعلق إحداها بتغيير العلم، (بادعاء أن ألوانه لا تعبر عن الشعب السوداني)، بخلاف مقترحات أخرى مترفة، تتصل بتغيير النشيد الوطني، وإعادة التعامل بالجنسية بدلاً من البطاقة القومية، وما إلى ذلك من قضايا نرى أنها لا تمثل أولوية، ولا تحوي أي قيمة مضافة، تجعل اللجنة تشغل بالها بها، على حساب قضايا أخرى أكثر إلحاحاً، وأوفر احتياجاً للتداول الجاد.
* نذكِّر السادة الأجلاء في اللجنة أن إطلاق مؤتمر الحوار استهدف معالجة قضايا السودان الكبيرة والمصيرية، وأن مرماه الأسمى تعلّق بالسعي إلى إقرار حل سياسي، يحقق تسوية شاملة تؤدي إلى بسط السلام، وإطفاء نيران الحرب، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، وحسم الجدل المستعر حول قضايا الحكم وآليات التنفيذ، كي تبحر سفينة الوطن في أجواء هادئة، وينعم أهل السودان بالرفاهية والأمن والاستقرار.
* تلك هي القضايا المهمة، التي تشغل بال أهل السودان، وتنتظر من المشاركين في مؤتمر الحوار أن يهتموا بها، ويشغلوا أنفسهم بمناقشتها، ويجتهدوا لإقرار مخرجات مقنعة لها، بدلاً من الإبحار في قضايا خنفشارية، لا وزن لها ولا قيمة، حالياً على الأقل.
* اللجنة المذكورة بدأت عملها بنقاش جاد حول ملفات حساسة، اتصلت بمهمتها الأساسية، وأجهدت نفسها في وضع توصيات مقنعة، تتصل بإزالة كل نص أو عبارة تتعارض مع وثيقة الحقوق المضمنة في الدستور، واستوجب عملها إشادة الكثيرين، قبل أن تشغل نفسها بقضايا انصرافية أثارت حفيظة الكثيرين.
* نسألهم: ما علاقة ألوان العلم وكلمات النشيد الوطني بلجنة يتعلق عملها بالحريات والحقوق الأساسية؟
* ما هي الألوان التي تعبر عن الشعب السوداني في رأيكم؟
* التركوازي أم لون زينب؟
* أتفق تماماً مع الزميل الصديق محمد عبد القادر في أن (هوس) تغيير كل شيء بات يشكل خطراً داهماً على أعمال المؤتمر، وأن لجانه تحتاج إلى إعادة ضبط وتوجيه، كي تشغل نفسها باللب، وتنصرف عن القشور.
* ابتعدوا عن التنظير الفارغ.. ناقشوا الأهم، ودعونا من التعرض للفارغة والمقدودة.