منى سلمان

في عيونا بنشيل الصبر


شاءت الارادة ان تنتهي ايام الهناء بين هند وزوجها مرتضى سريعا، بعد انجابهم لوحيدتهم الصغيرة وقبيل احتفالهم بعيد زواجهم الثالث، وذلك اثر تعرض (مرتضى) لحادث حركة تسبب في اصابته بالشلل التام نتيجة تضرر عموده الفقاري .. طوال عام بعد اصابة مرتضى ظلت هند مخلصة ومتفانية في خدمته وخدمة صغيرتها .. توزع ساعات يومها بين عملها الذي صار مصدر دخل البيت الوحيد، وبين تكاليف ادارة شئون البيت والقيام بواجبات ابنتها الصغيرة وزوجها القعيد الذي لم يعد يتحرك منه غير عينيه التي تتبعها بحنان ولسانه الذي كان يلهج بالثناء عليها وشكرها على عظم تضحيتها من اجله ولكن .. طول ساعات الانتظار في البيت التي كان يقضيها (مرتضى) وحيدا مسجونا داخل جسده العليل، جعلت شيطان الوساوس يتسلل الى عقله ويفسد عليه صبره وامتثاله لقضاء الله، وزادت تلك الوساوس كلما تأقلمت (هند) مع وضعها وصارت اكثر تفاعلا مع الحياة ومع محيطها، وبعد شهور الصمت الحزين بعد الحادث، صار يستمع بضيق لانهماكها في الونسة ورنين ضحكاتها كلما سمعها تحادث صديقاتها أو اهلها في الهاتف .. ثم تفاقم شعوره بالقلق عندما دفعته الهواجس لتخيل ان مشاعر (هند) وقلبها قد تجاوزته وصارت تعيش حياة خارج البيت ليس له مكان فيها ولا يعلم عنها شيء، فصار يحاصرها بالتساؤلات ونظرات الشك الغاضبة، ثم تفجر الوضع بعد ان تحولت اوقات وجودها في البيت الى ساعات مضنية من التحقيقات والاستفسارات، والتي تتفاغم كلما حاولت تهدئة (مرتضى) وبث الطمأنينة في نفسه بأنها مخلصة له وستظل متفانية في خدمته حتى نهاية عمرها .. مر عام آخر حملت (هند) في نهايته حقيبتها في يد وصغيرتها في الاخرى وغادرت البيت بدون رجعة، بعد ان يئست من امكانية التعايش مع نفسية (مرتضى) وشكوكه الظالمة التي يفاقمها شعوره الغامر بالضعف وقلة الحيلة، والتي حولت حياتهما معا الى جحيم يصعب العيش فيه أو تحمله، وعاد (مرتضى) لبيت اهله مغبونا وقد امتلاء قلبه بالغل والحقد على هند ابنة عمه خائنة العشرة التي لم تراعي له حقا وفضلت ان تهرب من حكم الاشغال الشاقة المؤبدة في خدمته ..
في هدوء ارسلت أسرة (هند) مراسيلها لـ (مرتضى)، كي يخلص ابنتهم من ارتباطها به ويرسل اليهم ورقة طلاقها بعد ان تفهموا موقفها وساندوها في موقفها ومعهم كل من كانت له صلة بتفاصيل المشكلة من الاهل والمعارف، والمطلعين على ما كان يحدث من (مرتضى) وسوء معاملته لزوجته وعدم تقديره لتضحياتها، بينما وقف في المعسكر الاخر (مرتضى) واسرته وبعض اقربائهم الاقربين الذين تعاطفوا مع رأيه السالب في (هند) التي من وجهة نظرهم تهربت من واجبها المقدس تجاه رباط الزوجية الذي يلزم الطرفين بالوقوف مع شريك الحياة في السراء والضراء وحين البأس، وتحمل كل ما يصدر من ذلك الشريك من تصرفات ناتجة عن سوء النفسيات، ومساعدته على الخروج منها بدلا عن الفرار بجلدها ..
مروت اكثر من خمس سنوات على مغادرة (هند) لعش الزوجية ومرتضى يرفض منحها حريتها بالطلاق عساها تلحق بقية من رمق شبابها الذي يسرع في الانزواء جراء معاناتها من الغبن، بسبب تأكيده لكل من سعى بـ الواسطة بينهم بأنه (حالف يخليها معلقة لـ يوم الدين) !!
حسنا، فقد تذكرت تلك القصة التي ما زالت اوراقها تزحف على بلاط القضاء، الذي لجأت اليه (هند) لينصفها ويحررها من قيد (مرتضى)، بعد ان فشلت الجودية عبر السنوات في ارجاعهم الى بعضهم أو اقناعه بقطع الحبل .. اقول تذكرت القصة وأنا أطالع خبر ورد في الوسائط الاعلامية، يتحدث عن وفاء رجل جزائري ظل يحمل زوجته المشلولة على عاتقه ويرعاها بكل تفاني لاكثر من ثلاثة عشر عاما، لم يتململ من خدمتها ولم يشتكي منها حتى فرق بينهم الموت !! استرجعت في خاطري أكثر من حالة حدثت مؤخرا توفى فيها الزوج بعد وفاة زوجته بقليل حزنا وزهدا في الحياة بعد مفارقة شريكة حياته لها .. سألت نفسي في وجل: هل يعقل أن الرجال صاروا أكثر اخلاص والتزاما بالزواج ووفاءا لشريكة الحياة من النساء ؟!! دي تبقى عوجة يا نسوان !!


تعليق واحد

  1. دا طبع الرجال معروف مستحيا اسيب المرة في حالة مرض ولا اي نكبه لاكن النسوان اعوذ بالله لو عايز قصص ارسلك كتب وانتي لو عندك مثال لراجل انفزر ورينا