الصادق الرزيقي

عرب ممزوجة!!


> للسودان عمقه ومجاله الحيوي، في محيطه العربي والإفريقي، ويمثل الفضاءين المهمين ركيزتين أساسيتن يتكئ عليهما بلدنا في تعاملاته الدولية ومواجهاته خاصة مع الدول الغربية التي لم تتخلص حتى اللحظة من سلوكها الاستعماري البغيض، بالإضافة إلى ذلك، فإن الركيزتين الدعامتين تريحان حلفاءنا الدوليين في اتخاذ المواقف الملائمة وفي الوقت المناسب. فمع أن الإهمال قد أصاب علاقاتنا الإفريقية في بعض الأوقات السابقة، ويممنا وجهنا شطر قبلات في مناطق أخرى، لم تتخلَ عنا القارة الأم أو تتركنا في مواجهة أنياب الضباع الكاسرة، ولم ينقطع حبل الود مع أمتنا العربية والإسلامية، ولم يتوقف دعمها، وظلت كل هذه المجموعات في إطار المحافل الدولية، تساند السودان وتقف معه وتذود عنه بما تستطيع، خاصة في موضوع العقوبات الأمريكية المفروضة علينا، والحصار الغربي على بلدنا دون جريرة ارتكبها، ثم في مهزلة المحكمة الجنائية الدولية التي ينظر إليها الأفارقة على إنها محكمة الرجل الأبيض للرجل الأسود.
> تقتضي ظروف الواقع السياسي الدولي وأوضاع المنطقة بشكل عام، أن يولي السودان جُل اهتماماته بمحيطه الإفريقي في ترافق وثيق مع مساراته الثابتة والمنتجة مع الدول العربية. فالمواقف الإفريقية المساندة للسودان، سواء أكانت من الاتحاد الإفريقي أم المنظمات الأخرى كالقرارت المهمة والقوية التي اتخذتها قمة دول منطقة البحيرات (ICGLR)، تحتم علينا التحرك بفاعلية أكبر وحماس أكثر لتمتين صلاتنا بإفريقيا وتقويتها وتعزيزها والقيام بالدور التاريخي لبلادنا، حيث كانت الخرطوم هي بؤرة تحفيز ودعم النضال الإفريقي ضد المستعمر، ووقفت وساندت ودعمت حركات التحرر في القارة في بلدان عديدة ظلت تستلهم شعاراتها ونضالاتها من السودان كأول بلد ينال استقلاله في إفريقيا جنوب الصحراء.
> نحتاج في ظل الاستهداف الخارجي والعقوبات الأمريكية المفروضة علينا، والحصار الاقتصادي المدمر الذي أثر على كل فئات الشعب السوداني، بما حدث في القطاعات الحيوية الخدمية والتنموية، خاصة الصحة والتعليم والمياه والنقل والمواصلات والزراعة، نحتاج أن تكون لدينا إستراتيجية واضحة محددة بمعالمها وأهدافها، مرنة في تفريعها لبرامج وسياسات للتعامل مع إفريقيا وجوارنا العربي، لنحدد ماذا نريد من إفريقيا والعرب وكيف؟..
> ففي السياسة الدولية اليوم، فرص وسوانح كالشمس الشتائية لا تنتظر كثيراً، وإذا ذهبت لا تعد، وتلوح للسودان فرص ثمينة يستطيع من خلالها كسر السياجات حوله وتحطيم أغلال العقوبات التي تحاول تكبيله وتقييده ومنعه من التقدم للأمام والتفاعل الإيجابي مع محيطه..
> فهناك متغيرات دولية كثيرة، لم يعد عالمنا كما كان، بدأت العديد من البلدان تتضامن مع بعضها البعض، وتواجه تحدياتها مجتمعة، تصطف لمنافعها وتتراص حيث تكون المصالح، فنحن وإفريقيا اتجاه ومصير وأهداف وواقع واحد، لا تنفصم عُراه ولا يمكن فصله وتجزئته وتبعيضه، ليس أمامنا غير إعادة رسم أولوياتنا في السياسة الخارجية، وتحصين ظهرنا بأصدقائنا وأشقائنا ومحيطنا القريب والتفاهم معه والاستفادة منه، ونجتهد قدر ما نستطيع لنلعب دورنا التاريخي المعروف، بقيادة المبادرات والمساهمة الفاعلة في تسوية النزاعات والحروب، مثلما يساعدنا الأشقاء والأصدقاء في تسوية نزاعاتنا وحروبنا.
> ومن الضروري أن نقول إن إفريقيا اليوم يبزغ فجرها بواقع جديد، يجب ألا نتخلف عنه. فالبنك وصندوق النقد الدوليين يصنفان في آخر تقاريرهما، البلدان الإفريقية جنوب الصحراء ثاني أسرع نمو اقتصادي في العالم، ومناطق شرق وغرب إفريقيا بأنها من الأسواق الصاعدة على مستوى البسيطة، فبما لدينا من تاريخ مشترك وعلاقات راسخة طويلة تؤهلنا لشق الطريق لمزيد من التضامن الإفريقي والعربي، فعلينا ألا ننتظر حتى تملأ الرياح أشرعتنا، وبأيدينا المجاديف فلنجدف نحو الغاية المرتقبة..