هيثم كابو

هوس الفلنتاين


* ولماذا يتسابق الشباب في مثل هذا اليوم من كل عام للاحتفال بـ(عيد الحب) طالما أن المشاعر أضحت طاردة.. الأحاسيس مصنوعة.. التضحيات غائبة.. (الأنا) دائمة الحضور والتمدد.. أصبح الإخلاص في العلاقات العاطفية نوعاً من الهبل والغباء، وبات اللعب هنا والخداع هناك ضرباً من الشطارة والفهلوة و(التفتيحة) والذكاء.!!
* (هوس الفلنتاين) يجتاح البلاد من أقصاها إلى أدناها، وكل شخص يحاول (استثمار) المناسبة وتعزيز موقفه وتأكيد رجاحة عقله وحسن فتواه وبديع تخطيطه ورومانسية مشاعره.. رجال الدين يتقدمهم د. عبد الحي يوسف الذي جدد أمس فتواه للزميلة (الوطن) يتسابقون في كل عام لـ(تحريم الاحتفال) مستندين على (نصرانية) المناسبة وتدشينها على يد (القس فلنتاين) مع أننا لو أخذنا الأمور بهذه النظرة الضيقة لما استفدنا من الاكتشافات العلمية ولا درسنا النظرية (النسبية) فديانة الشخص إن أصبحت دافعنا لتجاوز ما جاء به لما أضحى هناك فرق ما بين عيد (القس فلنتاين) ونظرية (العّلامة أنشتاين).!!
* أفتى من قبل د. يوسف الكودة بجواز الاحتفال بعيد الحب بينما حرم الاحتفاء عدد ليس بقليل من أهل الدين وأسماء تضمها هيئة العلماء، ولعمري أن القصة لا تستحق كل هذا الجدل والتباري، فإن حملت مظاهر الاحتفال عند البعض ما يحرمه الدين فحتماً ستدخل احتفاليتهم في دائرة المحظور، وإن كانت لتجديد المشاعر الإنسانية وتكثيف العواطف بين محبين تجمعهم روابط شرعية أو أنهم قاب قوسين أو أدنى من الاقتران الرسمي، فإن الاحتفالات متى كان ميقاتها تُعزِز قيماً دعا لها الدين الإسلامي الحنيف طالما أنها لم تخرج عن تعاليمه، وإن لم يكن الاحتفال بـ(عيد الحب) أو غيره، فما حرمه الشرع واضح ولا يحتاج لكثير بيان وإعادة شرح وتبيان.!!
* من زاوية أخرى لاحظت أن كثيراً من الفنانين لا تهمهم قصص العواطف التي يغنون لها وحكاوي المشاعر التي يترنمون بها ويسعون في (عيد الحب) كما حملت إعلانات هذا العام لكسب مساحات جديدة بإقامة حفلات جماهيرية يصعب عليهم إحياؤها في الأوقات العادية.. بعضهم يحدثك عن (عيد الحب) وهو يرى فيه (عداداً استثنائياً) يمنحه إضافة فنية بعيداً عن (معازيم الأعراس) ويعتبره بمثابة (جس نبض) ومحاولة أولى للإجابة على سؤال صعب: هل يمكن لي النجاح كفنان شباك عبر الحفلات الجماهيرية؟؟.
* محلات بيع (الورود والدباديب) تنتظر الفلنتاين لينتعش سوقها وأراها الأكثر موضوعية وعملية من غيرها حيث من حقها أن تستفيد من موسم ربيع العواطف، لكن هل الآخرون يملكون جرأة الاعتراف بأنهم ينتظرون المناسبة لتجديد عهد (اللعب بالمشاعر) في الوقت الذي ينشغل فيه الناس بنقد الاحتفالات والمظاهر.؟؟
* صدق شاعرنا المرهف هاشم صديق يوم أنشد ذات (اجترار) بديع :
كان زمان الحب زمان الانتظار
القلب لامن يشوف البت يدق زي نوبة طار
ما في زول فك الحبيب عكس الهوا
أو ركب الزول البريدو التونسية..
الحب وجود الحب قضية.!!
* عزيزي هاشم: لم يعد للحب وجود ولا بات الحب قضية.. أصبح العشق (هماً) وبات الحب (أذية)، لذا من الطبيعي أن يرحل الحب عن عالمنا ويبحث عن أناس يعرفون قيمته ويسعون إليه كـ(غاية) لا (وسيلة) لغايات أخرى رخيصة.
نفس أخير
وخلف الراحل حميد نردد :
نفسي أقدم ليك جميل في حدود الاستطاعة..
فليكن هذا الجميل غنوة بين الناس مُشاعة.!