صلاح احمد عبد الله

صابونة.. !!؟


* يا فتاح يا عليم.. يا رزاق يا كريم.. كل صباح نسمع بأشياء وعبارات تسد النفس.. وتترك الشاي مسيخاً.. والمواصلات زحمة.. رغم أن (الزحمة) فيها اللحمة.. لحمة يغطيها الذباب وسخام عوادم السيارات.. والغبار.. وارتفاع الأسعار..؟!!
* قال (الرجل) الكبير.. من وجهاء أهل شارع المطار.. إن الناس قبلهم كانت تتقاسم (الصابونة).. مسلسل من (الاستخفاف) بالعقول.. وكأنه يخاطب شعباً جاهلاً قذراً.. لا يجيد الاستحمام والنظافة إلا بعد حضورهم.. وكأن ملابسنا كانت كلون الأرض في بلادي..!!
* قبله.. قال أحدهم.. إنه قبل حضورهم كنا أمة من الشحادين.. وآخر قال إننا لم نكن نلبس سوى (الأسمال) البالية.. ولم يكن لدى الفرد.. سوى قميصين.. ويمن علينا.. بنفايات الملابس المستوردة الآن من بلاد جنوب شرق آسيا.. وباقي ملابس (مراحيم) المنظمات الطوعية.. وأحذيتها.. التي تتمدد جهاراً نهاراً في وسط الخرطوم وفي أهم شوارعها.. وبرنداتها.. هذا غير ألفاظ أخرى من شاكلة (لحس الكوع).. والبجيك متلزم ومتحزم.. تلاقيهو عريان.. ولو فكر هؤلاء (القوم) في مخرجات الألفاظ ومخارجها.. لوجدوا متسعاً لحل مشكلة ارتفاع الأسعار.. والغاز.. والماء.. وأكيد الكهرباء..!!
* وحيلة الغاز.. انكشفت بعد الشح.. وتعديل قانون العقوبات.. وشح (الماء) لفترات.. أعقبته الزيادات.. والقطوعات الكهربائية ستعقبها زيادة أخرى.. وجاهزين جاهزين لترضية الحكومة.. ولن نخرج الى الشارع.. للرصاص.. أو السجن لعشر سنوات.. وهكذا أصبح الحال.. (والكل) في المدينة.. خائف يترقب..
* ولذلك.. أصبحت الألفاظ تخرج من بعض أهل شارع المطار كالقنابل..!؟!
* ونقول لهذا (الرجل).. والذي أشك أن بداخله تجري (دماء) سودانية.. قبلكم كان المواطن/ المواطنة.. أنيق الملبس.. يحب التأنق والتعطر.. (الموضة) تخرج من لندن.. نيويورك.. باريس.. إيطاليا.. الى شارع كان شهيراً يضاهي الشانزليزيه.. الشواربي.. الحمراء.. الجادة العاشرة في بروكلين.. به صيحات كريستيان ديور.. إيف سان لوران.. والعطور والأحذية الفاخرة.. الشارع الحديث يطول اسمه.. وما يزال.. شارع الجمهورية.. الذي أصبح فوضى.. في كل شئ.. حتى القيم والأخلاق.. وهذا.. (بعدكم).. كانت به محلات.. الناظر.. الأفندي.. الصالون الأخضر.. أسندكو.. والكثير جداً من المحلات الشهيرة.. عندما كان الكثيرون منكم يعيشون في الشوارع الخلفية.. والدساكر البعيدة.. والقرى النائية..!!
* الصابون المعطر.. وأرقى العطور.. كانت سمة الشباب.. بعد التاسعة مساء.. وبعد رياضة العصر.. ومجاملات الحي.. وقليل من الراحة.. العشاء الأنيق من بطون آخر إصدارات الصحف والمجلات والكتب العالمية.. ومجالس الأنس والطرب الجميل.. والمسرح.. وسينما الدور (التاني).. كلوزيوم.. غرب.. جنوب.. النيلين.. آخر ما أنتجته هوليود.. القاهرة.. الهند وأفلامها التاريخية.. آن.. تسري منزل.. ومن أجل أبنائي.. و.. و.. وكل هذا لعمري ثقافات لا تحتاج لتقاسم الصابون.. سوى لمن كانت الخرطوم.. أو القاهرة.. من مستحدثات النعمة عليهم..
* هل سمع أحدكم بالأسماء أعلاه.. أم الشباب أيامكم.. ومنكم.. كان يبحث في بطون الكتب.. إياها.. والتي أفرزت لنا اليوم ما أفرزت من النيران المشتعلة في كل مكان.. داخل وخارج السودان.. وجعلت جزءاً عزيزاً من أرضنا يذهب بعيداً.. بعد أن تم ذبح ذلك (الثور) الأسود الشهير..!!
* كان الدين.. موجوداً.. ومتسامحاً.. وكان المجتمع (كله) مترابطاً ومتكافلاً.. وكنتم يا سيدي في عالم (الصفوة) تعيشون. أسراً وجماعات.. تنظرون الى مجتمعكم الذي رباكم وعلمكم.. تعليماً وأكلاً وشرباً وسفراً.. (بالمجان).. تنظرون اليه بريبة.. تكاد تصل لدرجة التوجس المرضي.. أو التكفير.. والعياذ بالله..
* وتمر السنوات.. ويتبدل الحال.. والمآل.. للناس والسودان أو ما تبقى منه.. وأتتكم السلطة بكل (الدهاء) والمكر.. وشئ من كذب.. ومعها كل الثروة..
* ومن أجل ثروتكم.. وازديادها ونموها.. نعيش هذا الغلاء الطاحن..!!
* وغداً يا سيدي ستشرق الشمس..!!
* ولن (تسيح).. الصابونة..!!