حوارات ولقاءات

حوار مع مسؤولة مكتب في السودان لتلقي شكاوى المتضررين من العقوبات الامريكية


بالصدفة سمعت عن وجود مكتب لتلقي شكاوى المتضررين من العقوبات الامريكية المفروضة على البلاد بمقر نقابة المحامين بالخرطوم .. كنت ظهيرة الخميس بمكتب بالعمارات، وقلت في نفسي لما لا أزور المكتب المعني ولم يكن بعيداً عن هدفي الأول.. ذهبت للنقابة وفي الطابق الثاني حيث أمانة حقوق الإنسان، وجدت أستاذتين عرفتهما بنفسي سارعت إحداهن للتعريف بنفسها (أنا آسيا سعد) وكانت على دراية تامة بالصحافة، فهي شقيقة الزميل رئيس تحرير الغراء إيلاف خالد سعد، فضلا عن أنها كانت رئيسة رابطة المنطقة التي ينحدر منها زميلي العزيز عمار محجوب بالشمالية، وهي ليست بعيدة من مناطق أهلنا.. المهم كانت سانحة طيبة لترحب بي الأستاذة وفاء محمد عثمان أمينة أمانة حقوق الإنسان، ومسؤولة المكتب قلت لهما لدي شكوى ضد الحكومة ورحبا جداً بي، وعندها ابلغتهما عن سبب المجئ فكان حماس وفاء وكان هذا الحوار.

من أين نبعت فكرة إنشاء المكتب ؟
بصفتي أمين أمانة حقوق الإنسان بنقابة المحامين السودانيين، فواحدة من اهداف الأمانة رصد الإنتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي نقوم بدراستها وتحويلها لجهات الإختصاص، وكثيراً ما تعاملنا مع قضايا كانت الشرطة والامن والقضاء أطرافاً فيها، حيث نساعد المتضررين بأن يتقدموا بشكاوٍ ضد الجهة المنتهكة.
كما نقوم بمد يد العون القانوني لإعانة من أنتهكت حقوقهم ولا يستطيعون الوصول لضيق ذات اليد، أو ميسورين لا يعرفون ممن وكيف ينالون حقوقهم.
ومن هنا جاءت فكرة فتح مكتب خاص لتلقي شكاوي المتضررين من العقوبات الامريكية الاحادية المفروضة على البلاد.
وكيف يتم التعرف على أن المواطن المعني تضرر مع العقوبات ؟
لك أن تعلم أن أثر العقوبات كبير جداً وامتد لكل قطاعات المجتمع، بداية من حظر العديد من الأدوية الجيدة، أو التي تأتي من امريكا فقط. وهناك أدوية منقذة للحياة ، مما أضر بصحة الآلاف من المواطنين .
بجانب أثر العقوبات إقتصادياً مما تسبب في البطاله.
عفواً .. كثيرون يقولون إن البطالة بسبب الحكومة؟
ليست كل البطالة نتاجاً لسياسات الدولة.. وقد لا تصدق أن جزءاً من التسرب الدراسي سببه العقوبات الأمريكية، فالبداية أن اوضاع الأسر إقتصادياً تدنت، ولم يعد التعليم ضمن أولويات الأسر، حيث بات الهم (لقمة العيش)، وتكدست آلالف الأسر بالخرطوم دون وظائف، بجانب الأوضاع الصحية للأمهات نتيجة لقلة الرعاية الصحية، ورصدنا كثيراً من البلاغات ضد المستشفيات، والسبب قلة الدواء والأجهزة الطبية بسبب العقوبات الأمريكية وحظر الإستيراد.
وحتى تزايد وفيات الأمهات خاصة في ولايات دارفور وكردفان سببه العقوبات الامريكية.
فسري الأخيرة ؟
السبب في ذلك صعوبة التنقل وبعد المسافات، وفي السابق كانت السكة الحديد شريان الحياة، ومعلوم انها تأثرت بشكل كبير بسبب العقوبات، بل كل أنواع النقل بما فيها الجوي.. واقول لك إن السبب الرئيس في تدهور الناقل الجوي الوطني (سودانير) هو العقوبات الامريكية، التي منعت الإسبيرات بعد أن كانت سودانير من أعظم خطوط الطيران .
القيتي باللائمة على واشنطن بشأن كل مشاكل البلاد ؟
أنا لا أدافع عن الحكومة ولست جزءاً منها، ولكن هذة هي الحقيقية، فالحكومة لن تستطيع أن توفي بالتزاماتها في ظل العقوبات الامريكية، بل وحتى لو تغيرت هذه الحكومة وجاءت غيرها لن تستطيع أن تحقق المنشود في ظل سيف العقوبات المسلط على البلاد، حيث أننا في ظل العقوبات لن نتقدم ونحن نتحدث عن دولة وليست حكومة.
ما علاقه المهمة التي تقومون بها بالحكومة؟
لا علاقة لنا بالحكومة من قريب أو بعيد، نحن نتحدث عن طريق قانوني والحكومة لديها قنواتها الدبلوماسية والسياسية.
هل من الممكن أن تتعاونوا مع الحكومة ؟
ليس هناك مايمنع
إذا كانت واشنطن لم تستمع للحكومة بكل آلياتها فهل ستستمع لمحامين؟
نحن منظمات مجتمع مدني، ولا نقل قوة من الحكومة وصوتنا مسموع، وحتى في الولايات المتحدة فمنظمات المجتمع المدني تؤثر على قرارات الإدارة الامريكية، وأقول لك إن مواطنا تقدم بشكوي متضرراً من تأثره بالعقوبات الامريكية بعدم حصوله على دواء مهم جداً، فقام الأخ الأمين العام لنقابة المحامين عبد الماجد الدغور، بمخاطبة السفارة ألامريكية بالخرطوم والتي إستجابت مشكورة للمطلب وعالجت الأمر بتوفير الدواء للمواطن.
بالمناسبة كم عدد الشكاوي التي تلقيتموها حتى الأن ؟
تلقينا أكثر من عشرين شكوى والمكتب حديث التأسيس وعمره شهرين فقط حتى الآن وكثيرون لم يعرفوا مهمتنا بعد.
ماهي طبيعة الشكاوي ؟
مثل الحالات التي ذكرتها آنفاً وبعضها تم تقديم مستندات بشأنها.. ولكن هناك شكاوٍ من المغتربين وهم متضررون من صعوبة تحويل أموالهم، كما جاءتنا شكوى من طالبة كانت تنوي التحضير للدراسات العليا بالولايات المتحدة وبعد قبولها أولياً تم رفض طلبها بحجة أنها سودانية وواثقون بأننا سنكسب الشكوى المعنية.
كيف سيصل صوتكم والى من ؟ وكأنما ماتقومون به (بحر في بندق) ؟
السودان عضو فاعل في المؤسسات الدولية خاصة مجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف، ومن خلاله سنتقدم بكل الإنتهاكات والاضرار التي لحقت بالمواطنين السودانيين.
كما أن المكتب فرصة كبيرة للفت إنتباه المواطن لحقوقه وتعزيز حماية حقوقة وتثقيفه.
والشهر المقبل سنشارك في عمل متعلق بالعقوبات في نيويورك باسم منهج بكين
هل من الممكن أن تدافعوا عن أجانب متضررين مقيمين بالسودان؟
راسلتني عبر الإيميل محامية عربية تعرفت عليها في نيويورك، نقلت لي إعتزام مواطن من دولة عربية بالتقدم بشكوى ضد الإدارة الامريكية لتضرر أعماله بالسودان.. ونحن على إستعداد للتعاون معه وتقديم خدماتنا له.
تبدو مهمتكم عسيرة إن لم تكن مستحيلة ؟
ليس هناك مستحيل، فالسودان موقع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وموقع على عهدين دوليين لحقوق الإنسان ( المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية) ، والعهد المتعلق بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية منذ سنوات طويلة، وغيرها من المواثيق.
وهذة الإتفاقيات فيها كل المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي يفترض أن يتمتع بها المواطن السوداني، وهو الآن بسبب العقوبات الجائرة محروم من كثير من الحقوق.. كما هو محروم كذلك من الحق الأساسي في التنمية نتيجة للعقوبات والتي إذا نجحنا في كسر جانبها سنكون نجحنا في جانب التنمية.
هل من الممكن أن تتقدمون بشكاوي في المحاكم في مواجهة واشنطن ؟
نعم من الممكن جداً أن نتقدم بشكوى.
لكن من الممكن جداً وبكل سهولة أن ترفض الشكوي بحجة عدم الإختصاص ؟
صحيح قد ترى أن المحاكم تدفع بعدم الإختصاص ولكن هناك المادة (27) من الدستور الإنتقالي للعام 2005م وهي مادة مهمة جداً جداً، والتي أمنت على أن كل الإتفاقيات الدولية الموقع عليها السودان جزء لا يتجزأ من الدستور، وبالتالي من القانون. ويجب أن تسن مع القوانين الوطنية، فالدستور أبو القوانين وبالتالي على كل الجهات القانونية أن تستند على هذه المادة.
تم تعيين خبير دولي مستقل معني بالعقوبات المفروضة على السودان ودول أخرى، مامدي التنسيق معه؟
تعيين خبير مختص معني بمدى تأثير العقوبات القسرية الاحادية على السودان وعلى غيره من الدول المتضررة، أعتقد أن هذا إنتصار للشعب السوداني في المقام الاول قبل الحكومة، وفي تقديري كان هذا نتاج عمل المنظمات الوطنية في المحافل الدولية.. خاصة وأن دولاً كثيراً كانت ترى أن العقوبات غير مؤثرة على المواطن السوداني.
وسبق أن التقينا الخبير عندما زار السودان وإتفقنا معه على مده بحصر كل الاضرار ومده بكل الشكاوى حتى نسهل له مهمته.
كيف تصلكم شكاوى الولايات ؟
نقابة المحامين منتشرة في كل أنحاء البلاد على نطاق الولايات والمحليات، وسبق أن كنت وكيلة لنقيب المحامين الأستاذ الراحل فتحي خليل – عليه الرحمة – بمحلية الحصاحيصا وبالتالي من السهولة بمكان أن تصل شكاوي الولايات.

أجراه : أسامه عبد الماجد
اخر لحظة