مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : السيناريو القادم (2/2)


أشرنا أمس إلى احتمال حدوث أحد سيناريوهين: الأول هو انفلات الأمر من قبضة المؤتمر الوطني وحدوث فوضى عارمة وتكرار السيناريوهات التي حدثت في سوريا وليبيا والعراق والصومال. والثاني حدوث التسوية السياسية التي يمكن أن تؤسس لنظام ديمقراطي يستطيع معالجة الأوضاع الاقتصادية المنهارة، وانتشال البلاد من حافة الهاوية.

حسناً.. لا أحد يرغب في حدوث السيناريو الأسوأ، ولعل الجميع يتطلعون إلى إنهاء الأزمات بطريقة حضارية، وهادئة من خلال التسوية السياسية المحتملة، غير أن الذي يتأمل السيناريوهين المحتمل حدوث أحدهما لا يمكن أن يغفل حقيقة شاخصة بأبصارها، وهي أن ثمة متاريس تقلل من فرص حدوث السيناريو الثاني وهو (التسوية السياسية)، بين جميع مكونات المسرح السياسي السوداني.. هذه المتاريس تتمثل في الحقائق والملاحظات التالية:

أولاً: هشاشة المعارضة وضعفها سيظل هو الحبل السري الذي يتغذى منه المؤتمر الوطني، وهو من أبرز الدوافع التي تجعل الأخير يتمترس في خندق التشبث بالسلطة، وعدم إبداء أي نوع من التنازلات، ويفعل ما يحلو له دون الالتفاف إلى صوت المعارضة وإن علا في الصحف، ومجموعات الواتساب.

ثانياً: الوضع المتدهور للمعارضة سيظل هو الرافد لإحساس المؤتمر الوطني بعدم وجود ما يهدد بقاءه على سدة الحكم، وبالتالي إيجاد كثير من المساحات الفارغة للتمدد وممارسة ألاعيب كسب الوقت التي أضحت بمثابة المسكّن الذي (يحقن) به الساحة السياسية كلما (احتقنت)، وأصابها الملل.

ثالثاً: التسوية السياسية عند القوى المعارضة تعني تفكيك النظام بالمرة، وهذا ما سيقاومه المؤتمر الوطني بكل قوته، وبالتالي يقلل من فرص التسوية السياسية.

رابعاً: وجود قوى سياسية توالي المؤتمر الوطني وتأتمر بأمره، وتبدو وراءه كالمقطورة، ساعد الأخير في تنفيذ أي إجراء سياسي يريده، ومن ثم إضفاء شرعية منقوصة عليه.

خامساً: قيادات الحزب الحاكم الآن أصبحت تدير الدولة والمجتمع كله بعقلية أمنية بحتة، وقد سخرت معظم موارد الدولة لحماية النظام ، على نحوٍ جعل الغرور يسيطر على تلك العقلية، ويجعلها أكثر تسلطاً، وأقل تجاوباً مع أي تسوية سياسية تقلل من هيمنة تلك العقلية الأمنية.

سادساً: نظرة القوى المعارضة المتشددة، والتي تبدو في كثير من الأحيان غير واقعية، أيضاً هي الأخرى باتت تقلل من فرص الحل السياسي والوصول إلى تسوية شاملة لا تقصي أية جهة حتى المؤتمر الوطني نفسه، غير أن هناك قوى سياسية ضعيفة لكنها تمتلك صوتاً عالياً و”صريخاً” داوياً و(عوعاي) في وسائل الإعلام فقط، وظلت ولا تزال تعرقل الحلول السلمية من خلال نظرتها غير الواقعية التي تطالب فيها بإسقاط النظام عن طريق الثورة الشعبية ومحاكمة رموزه، ولا تعترف بأي حلول أخرى، وهل يقبل أي نظام حاكم بمثل هذا الطرح..

إذ لا يعقل أن تصل إلى حل سياسي عبر الحوار مع نظام حكم قائم ومهيمن على مفاصل الدولة والاقتصاد، ويحتكر كل عناصر القوة – على الأقل التي تفتقدها المعارضة – ثم تعلن له أن هدفك إسقاطه ومحاكمة رموزه، فمن غير الممكن أن تصل معه إلى تسوية سياسية، ففي هذه الحالة فإن المواجهة وحِدّة الاستقطاب سيكونان بدل الحوار…. اللهم هذا قسمي فيما أملك …

نبضة أخيرة

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.