صلاح حبيب

قصة النملة والصرصور والأسد!!


وصلتني رسالة رقيقة عبر (واتساب) من قارئة (المجهر) وصديقة الجميع “ليلى الوسيلة” عن مفهوم الإدارة في الدول العربية، قالت: (كانت هناك نملة مجتهدة تتجه صباح كل يوم إلى عملها بنشاط وهمة وسعادة، ولما رآها الأسد تعمل بكفاءة متناهية دون إشراف قال لنفسه: إذا كانت النملة تعمل بكل هذه الطاقة دون أن يشرف عليها أحد، فكيف سيكون إنتاجها لو عينت لها مشرفاً، فقام الأسد بتوظيف الصرصور مشرفاً عاماً على أداء النملة، فكان أول قرار هو وضع نظام للحضور والانصراف، وتوظيف سكرتيرة لكتابة التقارير، وعين العنكبوت لإدارة الأرشيف ومراقبة المكالمات التلفونية.
ابتهج الأسد بتقارير الصرصور وطلب منه تطوير هذه التقارير بإدراج رسوم بيانية لتحليل المعطيات لعرضها في اجتماع مجلس الإدارة القادم، فاشترى الصرصور جهاز كمبيوتر وطابعة ليذر وعين الذبابة مسؤولاً عن قسم المعلومات.. كرهت النملة المجتهدة كثرة الجوانب الإدارية في النظام الجديد والاجتماعات التي كانت تضيع الوقت، وعندما وجد الأسد مشكلة في الأداء قرر تغيير آلية العمل في القسم، فعين الجرادة لخبرتها في التطوير الإداري، فكان أول قراراتها شراء أثاث جديد، شراء سجاد من أجل راحة الموظفين، وضع الإستراتيجيات التطوعية وإعداد الميزانية، وبعد أن راجع الأسد تكلفة التشغيل وجد أن من الضروري تقليص النفقات ولهذا الهدف عين البومة مستشاراً مالياً، وبعد أن درست البومة الوضع لمدة ثلاثة أشهر رفعت تقريرها إلى الأسد، وتوصلت فيه إلى أن القسم يعاني من تكدس العمالة الزائدة فقرر الأسد فصل النملة).
هذه القصة أو الرواية تنطبق على واقعنا تماماً في أية مؤسسة من مؤسساتنا أو أية وزارة من وزاراتنا، ونفس حال النملة ينطبق تماماً على المجتهدين الذين أفنوا زهرة شبابهم يعملون بلا كلل ليل نهار لا يطالبون بالزيادات ولا النثريات ولا حق المواصلات ولا بدل السفرية، يعملون بتفانٍ وإخلاص، لكن أحياناً الجهة المسؤولة في المؤسسة أو في الوزارة قد لا يعجبها عمل هذا الفرد الوحيد المتفاني، فتريد أن تكون هناك إمبراطورية أو إقطاعية من العاملين فبدلاً من شخص واحد يقوم بأعمال عشرة أشخاص يتم تعيين العشرة ونفس الشخص الواحد هو الذي يعمل، بينما العشرة يفكرون كيف يحصلون على الحوافز وعلى النثريات والسفريات، طالعين نازلين من طيارة لطيارة ومن بص سفري مكندش لبص، ومن ولاية لولاية، ثم تبنى العمارات الشاهقة، بينما الشخص الواحد المتفاني في عمله تطاله نظرات التآمر وكتابة التقارير السيئة والهمز واللمز والغمز إلى أن يصدق المسؤول أن هذا الشخص خميرة عكننة بالكذب فيتم في النهاية فصله، وقد أصبح شخصاً غير مرغوب فيه، إما بحجة زيادة العمالة إذ لا بد من التقليص، أو إجباره على ترك مقعده لأولئك الحاقدين والفاشلين والساقطين..
هذا هو حالنا في مؤسساتنا بلا استثناء، فكم من شخص متفانٍ في عمله فصل ظلماً وكم من شخص مخلص يؤدي واجبه وواجب عشرة أمثاله وجد نفسه يقف على الرصيف بسبب المؤامرات.. فالواقع الذي نقلته هذه الرواية أو القصة ينطبق علينا تماماً، فلينظر كل مسؤول لهذه القصة، وكم النسبة المئوية فيها!!