أبشر الماحي الصائم

أغنى أهليها سادتها الفقراء


* لا أعرف متى كانت آخر زيارة لوزير خارجية سعودي للخرطوم، ولئن كانت هذه هي الزيارة الأولى للخرطوم للسيد الجبير، الذي لم يمض على تعيينه وزيرا للخارجية السعودية سوى مدة قليلة، ففي المقابل قد لا تسعفني ذاكرتي بزيارة لوزير الخارجية الراحل سعود الفيصل للخرطوم !
* ولهذا ولما يجري في المنطقة من أحداث، تصبح زيارة وزير الخارجية السعودي للخرطوم في هذا التوقيت بالذات ليس حدثا عاديا، على أن الأقدار وحدها هي التي جعلت لهذه العاصمة العربية الأفريقية السمراء الخرطوم بعض أوراق في اللعبة الإقليمية، وذلك اتساقا مع حكمة الله سبحانه وتعالى في دفع الله الناس بعضهم ببعض حتى تتبادل المنافع والأدوار، فالمملكة العربية السعودية تتعرض الآن إلى امتحان ربما هو الأصعب خلال تاريخها الحديث، فمن جهة أن الأصدقاء الغربيين التأريخيين لم يكتفوا بالتخلي عن نصرة الخليجيين فحسب، بل عملت واشنطن – تحت مسوقات مختلفة – على انهيار سعر النفط الذي هو عماد اقتصاد الجزيرة العربية والخليج !!
* ومن جهة أخرى تقود المملكة العربية السعودية حرب استنزاف مرهقة في اليمن قد يطول أمدها، على أن هناك – في المقابل – مصيدة جديدة تعد بمهارة فائقة، تجعل المملكة العربية السعودية مضطرة إلى دخول ماراثون الحرب السورية !!
* يحدث كل ذلك وسط تباين وفتور مكتوم يكتنف علاقة العاصمتين العربيتين الكبيرتين، الرياض والقاهرة، ذلك مما دفع الرياض للعمل على بناء محور بديل تستقطب إليه دولا في قامة تركيا وباكستان و… و..
* على خلفية هذه الأحداث الضخمة تأتي زيارة السيد الجبير إلى السودان، جبرا للخواطر ورسالة، بأن أصبح للخرطوم بعض دور !!
* تحتاج الخرطوم في المقابل إلى أن تدرك أنها باتت تمتلك بعض أوراق تؤهلها إلى الجلوس بين الأشقاء، الكتف بالكتف والحافر بالحافر، الخرطوم التي تجري من تحتها الأنهار في أزمنة نضوب الثروات وانهيارها، تصبح مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتكون بديلاً للأسواق الأخرى، فالخرطوم التي تمتلك جيشا يرتكز على نصف قرن من الممارسة العسكرية الحية في الأحراش والوهاد والصحارى، يمكن أن تكون سندا وظهيرا بعد نفاد العمليات العسكرية الجوية التي لا تقوى على حسم المعارك !!
* يكاد لم يمض على زيارة وزير المالية السعودية أسبوع واحد، حتى استقبلت الخرطوم وزير الخارجية، وإذا مضت العلاقات بهذه الوتيرة فيمكن أن تتوج بزيارة كريمة للملك سلمان بن عبدالعزيز ..
* اطلعت كغيري على المنشور من مخرجات الزيارة ولم يلب طموحي، وطفقت أنظر تحت طاولة الزيارة، ونفى غندور أن تكون للزيارة أي علاقة بالمشاركة في الحرب البرية السورية !!.. فقديما قال الفيتوري: الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء.. والخاسر من لم يأخذ ما تعطيه على استحياء.. دنيا يملكها من لا يملكها.. أغنى أهليها سادتها الفقراء.