مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : جنوب إفريقيا تسحب وعبد الواحد يسحب


> بعد أن اقتنعت جنوب إفريقيا بأن قواتها الاربعمائة جندي ضمن اليوناميد لا ضرورة لوجودهم في دارفور ضمن بعثة حفظ السلام.. وبالتالي لا داعي لتعرضهم للمخاطر الأمنية.. واتخذت قراراً بسحبهم.. فإن عبد الواحد محمد نور يتخذ هو الآخر قراراً بسحب اموال النازحين واللاجئين في معسكرات دارفور لتمويل الجزء الأقل والأضعف من التمرد الإثني.
> دعك في لحظة القراءة هذي من موضوع قرار سحب قوات جنوب إفريقيا.. سنعود إليه.. لكن نقرؤك فلا تجهل عن موضوع قرار سحب عبد الواحد للمال والرجال والنساء.. ومحمد علي باشا كان يستهدف من احتلال السودان تحت غطاء الدولة العثمانية المال والرجال فقط.
> لكن عبد الواحد يريدها الأهداف الثلاثة تحت غطاء التحرير.. والسؤال هنا تائه بين المداراة احيانا والشفافية احياناً أخرى.. والسؤال طبعاً هو: «التحرير لمن وممن»؟!
> والإجابة عن هذا السؤال أو جزء عظيم منها نتذوق طعمها في رسالة عبد الواحد إلى معسكرات اللاجئين والنازحين التي يتخذها رصيداً سياسياً واعلامياً له رغم الانحسار المتواصل لحجم حركته.. فهو يريد نازحين ولاجئين اكثر من جنود يحملون السلاح.. لأن سر اللعبة مع الدوائر الخارجية هو ملء المعسكرات بالنازحين واللاجئين.. فهو مطلب القوى الاجنبية لاهداف مختلفة منها تعطيل استراتيجية خروج اليوناميد.
> والفكرة فهمتها الآن جنوب إفريقيا وقررت سحب قواتها.. لكن عبد الواحد الذي بالضرورة يحبذ استمرار اليوناميد يقرر في الرسالة غير المهضومة سحب الأموال والرجال والنساء.
> والرسالة من عبد الواحد الذي كان يكتبها بتوتر ناتج عن الظروف المستجدة المحيطة بحركته.. تقول: «مطلوب من أي معسكر يكون عندهم شهرياً ما بين «300» و «500» مليون للتحرير.. نمرة «2» رسلوا إليَّ أبناءكم وبناتكم في المعسكرات في الداخل والخارج.. لعلمكم بعد كدا زول ما يدفع لينا أنحن برضو لازم نعرف مالو دا.. أنحن بدل ما يمشوا للحكومة ويضربونا بيه أنحن مالو دا ندمرو.. وندمرك انت ذاتك».
> ومازلنا عند سؤالنا.. أي تحرير الآن ولمن وممن؟! بعد كل التطورات على أرض دارفور.. منذ أن انشق مناوي بمجموعته.. وحارب بها لوحده.. ووقع مع اربعة اتفاقية أبوجا. وعاد إلى التمرد والتقى بعبد الواحد في الجبهة الثورية وتركه وغادر إلى ليبيا وتحالف مع حركة جبريل.
> فهل بعد كل هذه التطورات في السودان التحرير من عبد الواحد وهو يلغي ببساطة تأثير بقية الحركات المتمردة في الاستقرار الامني والاقتصادي في الاقليم.
> ورسالة عبد الواحد هذي تعني من زاوية ما أن دارفور يمثلها هو وحده لأن قضيتها اصبحت فقط معسكرات لاجئين ونازحين.. وهو الآن يخاطب من خلالها هؤلاء.. يدعوهم لإرسال الأموال والرجال والنساء للتحرير. وهذا يعني عنده أن بقية الحركات ليس من حقها أن تقوم بمطالبات مماثلة.. وأن عليها إذا ارادت التحرير أن تلتحق بحركته.
> فهو طبعاً حسب تخطيط القوى الأجنبية كان متوقعاً أن يصبح قرنق الآخر «قرنق دارفور».
> لكن بقية الحركات بالطبع واقع مرير أمام عبد الواحد لا يمكن أن يتفاداه حتى بالموارد المالية والبشرية التي طلبها.. فهو مطلوب منه فقط من الخارج أن يحصر اهتمامه في مشروع زيادة المعسكرات للنازحين.
> أما التحرير فهو أمر تقومه الجهات الأجنبية كما فعلت في بلدان أخرى.. مثل يوغندا وإثيوبيا.. وآخر عملية هجوم قامت بها مجموعة عبد الواحد كانت في جبل مرة بهدف زيادة النازحين.. ولا علاقة لها بالتحرير الذي يحرمه على بقية الحركات.
> وخمسة وثمانون ألفاً من سكان مناطق جبل مرة أصبحوا بهجوم من مجموعة عبد الواحد نازحين محرومين من الحياة الطبيعية.. لكي تذهب منهم إليه الموارد المالية والبشرية.
> فعبد الواحد بعيد جداً عن عملية التسوية لتحقيق السلام في دارفور، لأنه قريب جداً من الجهات التي تريد استمرار معسكرات النازحين.
> وجنوب إفريقيا الآن تتخلص من المشاركة في قوة اليوناميد التي ما عادت اسباب وجودها المعلنة باقية.. لكن نفهم أن الأسباب السرية المغطاة بهذه المعلنة باقية ومستبقاة.
> لكن الدبلوماسية التي يقودها غندور يسوس بها قوات اليوناميد.. وقد بدأ التسييس الآن بسحب القوات الجنوب إفريقية.
> وهي من ثمار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل المشكلات بعيداً عن التطبيع مع واشنطن.
غداً نلتقي بإذن الله.