صلاح حبيب

ما بين صحافة مايو والإنقاذ!! (7)


نواصل الحديث عن صحافة مايو وصحافة الإنقاذ، فإذا نظرنا إلى الصحف التي صدرت إبان فترة الإنقاذ، وهما صحيفتا (السودان الحديث) و(الإنقاذ)، الأستاذ “سيد الخطيب” كان آخر رئيس تحرير لصحيفة (الإنقاذ) قبل أن يصدر القرار بدمج صحف الإنقاذ في صحيفة واحدة باسم (الأنباء) التي صدرت في السادس والعشرين من مايو 1997م.
كانت صحيفة (السودان الحديث) التي كان آخر رئيس تحرير لها الأستاذ “فتح الرحمن النحاس” تشبه إلى حدٍ ما صحيفة (الأيام) إبان العهد المايوي، كانت أشبه بالصحيفة الليبرالية، بل كانت مفتوحة لكل الأقلام رغم أن الأستاذ “النحاس” تحول من أقصى اليسار ليتوافق مع نظام الإنقاذ اليميني، وظلت الصحيفة متماسكة نظراً لوجود الأستاذ الراحل “يس عمر الإمام” الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة، بينما كان يرأس منصب المدير العام الأستاذ “عوض الكرنكي” ونائبه “فضل المرجي” ووضع نظاماً إدارياً ممتازاً جعل الصحيفة مستقرة مالياً وإدارياً.. كانت بالصحيفة مطبعة خاصة ورثتها من صحيفة (الصحافة)، إضافة إلى إدارتي الإعلان والتوزيع، كانتا منفصلتين، لكن ساهمتا في الوضع المالي المستقر للصحيفة، وأذكر أن رئيس التحرير والمدير العام كانا في تناغم تام.
والمحررون لم يقف المال حجر عثرة أمام تنفيذهم التكاليف خاصة المأموريات الولائية أو الخارجية، فكان المحرر يمنح مبلغاً من المال لتنفيذ مهمته الصحفية وحين عودته يقوم بتصفية العهدة المالية من تذاكر وسكن وغيرها من أوجه الصرف التي قام بها في تلك المأمورية، وفي أغلبها كانت مأموريات ولائية لتغطية أحداث معينة، وأحياناً المحرر المسؤول عن شؤون الولايات كان يقوم بجولة ولائية إما شهرية أو نصف شهرية أو في أحداث معينة تحتاج إلى تغطية سريعة، فإدارة التحرير تمنحه المال أو توجهه بالذهاب إلى إدارتي الإعلانات أو التوزيع إذا لم يتوفر مال بالخزنة العامة.
صحيفة (السودان الحديث) رغم أنها كانت مملوكة للدولة، لكن كانت الأقرب إلى الصحف المستقلة، فلا أحد يتدخل في شؤون التحرير ولا عمل المحررين إذا أحس أحد الوزراء أن هناك معلومات مغلوطة ينبغي تصحيحها، وكثيراً ما كنا نرد على اتصال هاتفي من البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” إما محتجاً على معلومات غير صحيحة تم نشرها أو أراد تمليك معلومة لإدارة الصحيفة، وكذلك الدكتور “مصطفى عثمان إسماعيل” عندما كان الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية، فكثيراً كان يعطي الصحفيين الأخبار بنفسه عبر الهاتف، لذلك كانت (السودان الحديث) من أكثر صحف الإنقاذ انتشاراً وتجاوزت طباعتها الـ(67) ألف نسخة في اليوم، كما كانت تتمتع بأقلام صحفية ممتازة وصحفيين مميزين أمثال “جمال عبد القادر البدوي” و”إسماعيل آدم” و”عمر إسماعيل” و”زكريا حامد” و”عجب الدور” و”الوليد مصطفى” و”عثمان نمر” و”هاشم مداوي” الذي أصبح الآن سفيراً، وعدد كبير من الصحفيين المميزين بـ(السودان الحديث).